جميل أن نرى البشر في أنحاء المعمورة وهم يتحدون جميعاً ضد خصم واحد ومقصد واحد وهدف واحد، اتفقوا على أنه عدو بغيض يجب التكاتف والتعاون للتخلص منه ومن شره الشرس، وشن الحرب الضروس ضده قبل أن يكون سبباً في نهاية البشرية، فلا يبقى منها أحد على وجه الأرض قاطبة، وعلى قول المثل (نتغدى به قبل ما يتعشى بنا). وقد قرأنا أنه في أزمنة غابرة هلكت أمم كاملة بأمر الله سبحانه وتعالى بأسباب كتبها الله على تلك المصور في تلك العصور حتى أتتها البواعث التي لم تبق منها ولم تذر من البشر ولا الحجر ولا الدواب ولا كل الكائنات، بل أتت على كل شيء حتى رتوش الحبر وهوامش الخبر، قد تلاشت ولم يبق لها أثر عما كان يحدث في تلك الأزمنة البائدة، ولو أن القرآن الكريم وما أخبرنا به نبينا الأمين عن تلك الأقوام والأزمان وما حدث لها لما عرفنا شيئاً البتة عما أخفته تجاعيد السنين عن علوم المتقدمين وأخبار المتأخرين. واليوم نرى البشر في كل مكان على اختلاف أديانهم وبلدانهم ولغاتهم وعداواتهم، يقفون صفاً واحداً جنباً إلى جنب يحاربون عدوا واحدا (فيروس كورونا) القاتل الذي لا يرى بالعين المجردة، وقد عجزوا جميعاً متحدين عن أن يتخلصوا منه رغم ما وصلوا إليه من علم وتقدم وحضارة، يتباهون بها في كتبهم ومجلداتهم وتوصياتهم، وهي نتاج بحوثهم ودراساتهم التي أنفقت عليها دولهم المليارات. ورغم أن هذا العدو الفظ قاتل ومدمر وتضررت منه البشرية قاطبة إلا أنه قد تسبب في اتحاد البشر ووقوفهم صفاً واحداً للقضاء عليه والتخلص من شرذمته التي لا ترحم، وكأنهم أعني البشر أسرة واحدة وهم كذلك أسرة واحدة في هذه الدنيا الزائلة. وهنا نقول ما أجمل أن نرى البشرية كلها وقد تعاونت وتوحدت وتعاضدت ضد الشر والحقد والبغضاء والكراهية والحروب، رغم إدراكهم التام أنهم لن يخلدوا في هذه الدنيا، ورغم قناعتهم التامة بأنهم لن يستطيعوا العيش في منأى عن بعضهم بعضا مهما كانت الخلافات واتسعت دائرة العداوات بينهم. بقي أن نقول.. نسأل الله أن يرحم من مات من المسلمين بسبب هذا الوباء الخبيث، كما نسأله سبحانه أن يشفي جميع مرضى المسلمين والعالم أجمعين، وأن يرفع هذا الوباء والجائحة الشائعة عن البشرية كافة فهو وحده القادر على ذلك سبحانه وتعالى. آمين.