إن اختيار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع ليكون ولياً للعهد نائباً لرئيس مجلس الوزراء له دلالاته وأصداؤه الإيجابية، فهو اختيارٌ موفقٌ وصائب وثقةٌ في محلها لرجلٍ قيادي يملك الحكمة والحنكة والعقل والخبرة وسداد الرأي والوفاء والإخلاص، فهذا الاختيار يصب في مصلحة البلاد والعباد، لمواجهة التحديات وتحقيق التطلعات ومواكبة المتغيرات، وهو تكريسٌ لمزيدٍ من الإخلاص والعطاء والعمل الجاد في المرحلة القادمة - بإذن الله تعالى. إنه اختيار ممن يحسنُ الاختيار وافق ارتياح أعمدة الحكم في الأسرة الحاكمة، ولا غرابة في ذلك فقد استقر في قلوب العامة والخاصة أنه العميد والمرجع في ترجيح الرأي، وله الدور الكبير في هندسة وصناعة القرارات المتعلقة بالأمور الاستراتيجية والمصيرية للدولة. إن هذا التعيين جاء مواكباً لتطلعات الشعب السعودي ونال إعجاب العالمين العربي والإسلامي، فسمو الأمير سلمان – يحفظه الله - يمتلك مؤهلات القيادة والحكم - ولا غرو- فقد نشأ في كنف والده المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل - يرحمه الله- وتربّى على يده، وسار على نهجه، في الرؤية الصحيحة للمملكة وتطبيقها للإسلام، كما أنه عاصر ملوك المملكة العربية السعودية وكافح معهم في إرساء دعائمها وتنميتها وأداء رسالتها. ولا غرابة في جدارة الأمير سلمان وأهليته لهذا المنصب فهو المفكر والمؤرخ والنسابة الخبير بتاريخ الأمم والرجال والدول. لقد سعد بهذا القرار الحكيم الجميع من طبقات المجتمع وأطيافه، لما حبا الله به الأمير سلمان من خبرةٍ وكفاءةٍ وحكمةٍ وسدادٍ في الرأي، وهو امتدادٌ لنظرة ولي أمرنا وقائدنا خادم الحرمين الشريفين – يحفظه الله - الصائبة والثاقبة التي عوّدنا عليها، والتي تسعى إلى ضمان أمن البلاد واستمرار رفاهية العباد والنهوض بالأعباء والمسؤوليات على وجهها من خلال إسناد الأمور إلى أهلها، فالأمير سلمان هو الرجل القوي الأمين فسموه رجل دولة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، فلقد كان لسموه جهودٌ موفقة في خدمة الوطن والمواطنين والمقيمين، من خلال نهوضه بأعباء وزارة الدفاع وقبل ذلك عمله في إمارة منطقة الرياض زهاء نصف قرن من الزمن محافظاً على أمن البلاد وسلامتها وخدمة دينه ثم مليكه ووطنه، والوقوف بحزم وعزم ضد المفسدين والمخربين في مواقف عصيبة تحتاج أمثاله من الرجال القلائل. ومع هذه الأعباء والمسؤوليات فقد ضرب سلمان في أبواب الخير والعلم بسهام، وكان عظيم الاهتمام والرعاية بالعلم والعلماء والدعوة والدعاة والأئمة والخطباء دعماً ومؤازرة وإرشاداً وتوجيهاً، كما كان لسموه الكريم اليد البارزة في دعم المشاريع الخيرية والدعوية والإغاثية. فالعمل الإنساني حظي باهتمام سموه الكريم، حيث ترأس سموه عدداً كبيرا من الجمعيات والهيئات واللجان في الداخل والخارج، ورعى ودعم العديد من المشروعات الخيرية والدعوية والثقافية من منطلق إيمانه - يحفظه الله - بأهمية بلادنا الغالية في خدمة الإسلام والمسلمين كونها قبلة المسلمين ومهبط الوحي ومنبع الرسالة وحاضنة الحرمين الشريفين. إن المتتبع لسيرة الأمير سلمان ومواقفه يرى أنه يجمع بين الأصالة ومواكبة الحضارة فقد حافظت بلادنا - ولله الحمد - على مواكبة تطورات العصر والأخذ بأسباب القوة والمنعة والنهضة والنمو دونما مساسٍ بثوابت الدين والعقيدة، وهذا ما يُحسَب لبلادنا وقادتها. ونثق بالله تعالى بأن هذا القرار المبارك سيدفع بالبلاد إلى مزيدٍ من التقدم والرقي في جميع المجالات، لما يملك سمو ولي العهد من خبرةٍ كبيرةٍ وعريضةٍ في مجالات إدارة الحكم المحلي من خلال الإشراف المباشر على أعمال إمارة منطقة الرياض، وتلمس احتياجات المواطنين والمقيمين، والوقوف برفق وحرص على شؤونهم مع قربه من الناس وقضاء حوائجهم. إننا نحسب أن هذا القرار من لدن ولي الأمر - يحفظه الله - ومبايعة الجميع من الأمراء والعلماء والأعيان وكافة المواطنين لسموه الكريم دلالة على وحدة وتماسك الأسرة المالكة الكريمة وحرصها على استتباب الأمور والانتقال السلس للسلطات ودوام الأمن والاستقرار، في وقت نرى الصراع في تحديد مصير السلطة في بعض الدول يستغرق زمناً طويلاً. كما يؤكد التفاف الشعب حول مليكه وولي عهده ما يدل على وحدة الصف واجتماع الكلمة والأمر، والسمع والطاعة في المنشط والمكره، مع المحافظة على المنجزات والمكتسبات، إن مشاهد العزاء ومشاعر المواطنين في ولي العهد الراحل سمو الأمير نايف تغمده الله بواسع رحمته، ووفود البيعة لخلفه ولي العهد الأمين الأمير سلمان – وفقه الله وسدده - لهي أكبر رد على خزعبلات وأراجيف الحاقدين والمارقين والمغرضين الذين يريدون بالأمة ووحدتها شراً ويتربصون بها الدوائر. إن البيعة الشرعية من الأسرة الحاكمة والعلماء والدعاة والوزراء والوجهاء والمواطنين لهي أكبر دليل على تماسك الأسرة الحاكمة ومحبة الشعب وولائه لقادته والسمع والطاعة في المعروف وحرص الجميع على المحافظة على الجماعة واستقرار البلاد في ظل الظروف والمتغيرات المحيطة بها انطلاقاً من قول الله تعالى "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا"، وقوله جل وعلا: "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" وتحقيقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني" أخرجه البخاري، وقوله عليه الصلاة والسلام: "على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية فإن أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة " متفقٌ عليه، وهذا هو منهج علماء هذه البلاد منهج أهل السنة والجماعة في التعاون معهم على الخير والبر والتقوى عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ثلاثٌ لا يغِلّ عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاصُ العمل لله ومناصحة ولاةِ الأمر ولزومُ جماعة المسلمين" رواه أحمد والدارمي. وإننا نهنّئ صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، على الثقة التي أولاها إياه خادم الحرمين باختياره ولياً للعهد نائباً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للدفاع، ونبايعه على السمع والطاعة في المنشط والمكره، وندعو الله مخلصين أن يوفقه لخدمة دينه ومليكه ووطنه، وأن يديم على هذه البلاد نعمة الأمن والإيمان، وأن يمتع خادم الحرمين الشريفين بالصحة والعافية وأن يحفظ بلادنا من كل سوء ومكروه.