لا يخفى علينا جميعاً أن «جائحة الكورونا» كشفت لنا عن جوانب كثيرة في حياتنا الاجتماعية والعملية والعلمية، لم تكن ذات قيمة وأهمية في سلّم الأولويات التي نخطط لها منذ بداية كل عام، على الرغم من الخسائر الفادحة التي واجهت العالم أجمع، والصدمات النفسية التي عانى منها الكثير بسبب نتائج هذه الجائحة، لكن سبحان الله رب ضارة نافعة، فالله حِكَمه بالغة في كل أمرٍ يُصرِّفه حتى وإن كان في ظاهره سيئاً! لذلك سأتناول بعض هذه الإيجابيات على مستويات مهمة في حياتنا نحتاج بعدها لاتخاذ قرار يدعمها كمثال: المستوى الأُسري: هناك اتصالات وردتني من أمهات وزوجات يشكرن الله على هذه الجائحة، ويعتبرنها من وجهة نظرهن نعمة نزلت من السماء على بيوتهن، لأن الإجراءات التي أُتخذت من حجر ومنع للحدّ من انتشار الفيروس، كانت سبباً في التزام أولادهن وبناتهن بالبقاء في المنزل، وخاصة ممن يعانون من اضطرابات سلوكية انحرافية لم يستطع الأهل سابقاً ضبطها أو الحدّ من اختلاطهم بالرفقة السيئة، وكذلك بقاء بعض الأزواج الذين دائماً يرحلون خفيةً عن أُسرهم من أجل متعتهم الشخصية، وإهمال دورهم الأبوي في ضبط جميع أفراد الأسرة، فالكثير من الأمهات والزوجات يطالبن بعد فك الحجر والمنع بالدعم النفسي والأسري لهنّ، وأن تتولى النيابة العامة سنّ عقوبات على الآباء الذين يهملون تربية أبنائهم وخاصة بعد الطلاق، وما ينتج عن ذلك الإهمال المقصود من تفكك وضياع للأسرة، وقضايا أخلاقية تسيء للأمن العام للوطن. المستوى العلمي: كانت هناك شكاوى كثيرة سابقة من أولياء الأمور والطلاب والمعلمين من البيئة التعليمية لأغلب المدارس، وكذلك الجامعات، حيث تفتقد أغلبها شروط الصحة والسلامة سواء أكانت حكومية أو أهلية، وجاء تطبيق التعليم عن بعد نعمة للأغلبية خاصة مع دخول شهر رمضان الكريم، وفترة الصيف، لذلك أقترح على وزارة التعليم اعتماد التعليم عن بعد لطلاب الجامعات بالذات الذين يحضرون يومياً من مناطق بعيدة عن جامعاتهم، ويشكلون ضغطاً مرورياً في الشوارع ومواقف الجامعات وداخل القاعات (إذا وضعنا في الاعتبار القصور في الخدمات الضرورية داخل تلك الجامعات)، ويكون ذلك حلاً لبعض الجامعات التي تضطر لتقسيم طلابها على فترتين صباحية ومسائية، من أجل معالجة تلك الاختناقات اليومية داخل مباني الجامعة وخارجها). المستوى الصحي: إن الكثير من الحالات المرضية تُشكل ضغطاً كبيراً على العيادات الخارجية لأغلب المستشفيات التخصصية، وبعضها يتكبد عناء مراجعة المستشفى لمسافات طويلة، وتكون حالتها تحت المتابعة فقط، لذلك أتمنى من وزارة الصحة إضافة لجهودها الجبارة لمواجهة هذه الجائحة أن تُصنف الحالات المرضية التي تستوجب حالتها مراجعة المستشفيات بشكل دوري، فالحالات العادية المستقرة وتحت المتابعة فقط بالإمكان تحويلها لمراكز الرعاية الصحية بالأحياء، أو «عيادات تطمّن» التي أطلقت حديثاً، على أن يكون بينهما ربط إلكتروني من أجل الحالة التطورية والتقارير الطبية السابقة، وآلية محددة لصرف العلاج. هذه المقترحات أتمنى أن تجد الاهتمام والدراسة من المسؤولين في الجهات المعنية من أجل خدمات ذات جودة عالية، وتحقيق حياة سليمة للمواطنين جميعاً.