تميز بجمال صوته في فترة مبكرة من عمره، كان يرفع الأذان ويردد تكبيرات العيدين في بعض مساجد مدينة تريم، يشارك أعمامه في إنشاد الموشحات الدينية، تجرع منذ صباه الأناشيد الدينية ووقف مؤديا لها بين أقرانه. أنشد لجده عبدالرحمن بن عبدالله بلفقيه الذي كان قد بدأ انطلاقته بالعمل في حقل تعليم القرآن الكريم قصيدة الرجفات التي مطلعها: إخواننا في المسجد الحرام منا إليكم أكمل السلام ** وحمد رب جل بالإنعام ومنَ بالتفضيل والإفضال. موهبة وتفوق سمي أبو بكر تيمنا بجده العلامة أبي بكر بن شهاب أبرز علماء حضرموت، عاش طفولته يتيما، حيث توفي والده وهو ابن ثمانية أشهر، واحتضنه جده الشيخ زين بن حسن، تلقى تعليمه على يد أكبر علماء حضرموت، وأتم دراسته في علوم الفقه والدين، ظهر عليه وهو في الثالثة عشرة تفوقا ملحوظا في علوم اللغة العربية والأدب وظهرت مواهبه الفنية منذ صباه. أول أغنية في الخمسينيات الميلادية، استقر بمدينة عدن، وهناك تعرف على كثير من الشعراء والفنانين والإعلاميين أمثال الشاعر لطفي جعفر أمان، والفنان أحمد بن أحمد قاسم ومحمد سعد عبدالله ومحمد مرشد ناجي والشاعر فضل النقيب وغيرهم، وقدم نفسه على الصعيد الفني من خلال الحفلات الموسمية التي كانت تقام في عدن، وحقق نجاحا باهرا، ليفتح له الحظ أبوابه وتعرض حفلاته مسجلة ومباشرة في تلفزيون عدن، ثم الإذاعة التي بُشرت بقدوم موهبة غير عادية. وكانت من أوائل أغانيه «يا ورد محلا جمالك» من كلماته وألحانه وسجلها في إذاعة عدن عام 1956، والتي غناها بعد ذلك طلال مداح. الإحباط والانتشار يقول أبوبكر: إن حنجرة وروعة أداء الفنان عوض الدوخي، والفنان وديع الصافي سببا له في بداية مشواره كثيرا من الإحباط لروعة وقوة صوتيهما وكبر مساحتيهما، ويضيف أنه رغم ذلك واصل واستفاد من الجميع. عام 1958 غادر إلى بيروت وكانت إقامته شبه مستقرة هناك، سجل معظم أعماله الفنية في تلك الحقبة هناك، واستطاع من بيروت أن يوسع انتشاره إلى جميع أنحاء الوطن العربي. تنقل بالفقيه بين جدةوبيروت والقاهرة والرياض، وقبل ذلك شرق إفريقيا وتحديدا إثيوبيا وكينيا وتنزانيا. الفضاء العربي خرج أبوبكر سالم عن الإطار المحلي في الانتشار إلى الإطار العربي بعد أن سافر إلى بيروت وسجل عددا من أغانيه الجديدة، وأعاد تسجيل عدد من أغانيه التي سبق تسجيلها لإذاعة عدن وتوزيعها موسيقيا، وشارك في عدد من الحفلات بدول الخليج، وأشهر أغانيه التي ظهرت في تلك الفترة «24 ساعة» و»الحلاوة كله أمن فين»، وعدد من أغاني الشاعرين «لطفي جعفر أمان» و»حسين المحضار»، ظل يتنقل خلال الستينيات بين «بيروت»و»عدن»، حيث استقر في بيروت، وغنى له في تلك الفترة عدد من المطربين اللبنانيين. ومن أشهر أغانيه وقتها «كل شي إلا فراقك يا عدن» و»يا طايره طيري على بندر عدن». ثم انتقل إلى الكويت فعاش فيها مدة، انتقل بعدها إلى السعودية، فاستقر فيها وحصل على الجنسية السعودية. لونه المفضل بعد ظهوره الملحوظ على مستوى الجزيرة العربية بدأ أبوبكر رحلاته بين جدةوبيروت التي سجل فيها مجموعة أسطوانات «24 ساعة» و»درب الطائف» و»الجبال السود» و»يا عين لا تذرفي الدمعة» وأغنية «قالي بتوب» التي غنتها هيام يونس، وتلتها أعمال أخرى، قدم أبوبكر في هذه الفترة عددا من الألوان الغنائية، كاللون الحضرمي والدان الحضرمي، كما قدم بعض الأغاني ذات الطابع العدني والصنعاني من كلمات لطفي أمان ومحمد عبده غانم وآخرين، إلا أن الحضرمي يعتبر اللون الخاص والمفضل لأبي بكر سالم، الذي يعشقه لعشقه مسقط رأسه حضرموت. محافظته على لونه جاءت بناء على نصيحة من موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب الذي كان بالفقيه يسكن جواره في حي الزمالك بالقاهرة، هذه النصيحة التي جاءت عن طريق صديق الطرفين الموسيقار مدحت عاصم الذي أسمع عبدالوهاب أعمال بالفقيه، فقال له «عليه أن يحافظ على هذا اللون الذي يقدمه، وأن يحاول تطويره دون الخروج عن إطاره»، وكانت هذه نقطة البداية في خوض المشوار الفني. تقارب اللهجات أواخر عام 1967 استقر أبوبكر سالم في مدينة جدة، حيث أدخل تفاصيل اللون الحضرمي والدان الحضرمي إلى الخليج، واستفاد أيضا من التقارب بين اللهجة الخليجية والحضرمية، لينتج بعد ذلك جوهرة الأغنية الخليجية التي تعتمد كثيرا على اللون الحضرمي. متماهيا مع العمالقة الذين أسهموا في إظهار الأغنية الخليجية مثل: شادي الخليج وغريد الشاطئ وطارق عبدالحكيم وطلال مداح وآخرين. ثنائية المحضار على مدى خمسين عاما شكل أبوبكر سالم ثنائيا مميزا مع الشاعر حسين المحضار، وتغنى بأعذب الكلمات التي كتبها المحضار، وغنى من ألحانه الكثير من الفنانين العرب على مدى عقود مثل نجاح سلام ونازك ووردة الجزائرية التي غنى معها ديو أغنية «اللي أسر قلبي بالطرف الكحيل» وطلال مداح وعبدالله الرويشد وغيرهم. غناء للوطن غنى أبوبكر سالم للمملكة العربية السعودية عددا من الأغاني الخالدة التي واكبت مسيرة العطاء في أرضنا الحبيبة، مثل «يا مسافر على الطايف» و»معك في الرياض» و»برج الرياض» و»يا بلادي واصلي»، وهي الأكثر انتشارا له على مر الأزمان. كما غنى لكل من الملك خالد بن عبدالعزيز والملك فهد بن عبدالعزيز رحمهما الله أثناء فترة الحكم. في مدينة جدة عام 2017 وفي احتفالات اليوم الوطني 87 الذي صادف عودة الفنان أبوبكر سالم من رحلته العلاجية بادرت الهيئة العامة للرياضة ورئيس مجلس إدارتها في ذلك الوقت المستشار تركي آل الشيخ بتكريمه، وقد دخل الفنان أبوبكر سالم للمسرح على الكرسي المتحرك، فضجت صالة المسرح بالتصفيق والوقوف لتحيته، وغنى جزءا من أغنية يا بلادي واصلي التي تفاعل معها جميع من كانوا بالمسرح. أبوبكر سالم بن زين بن حسن بلفقيه ولد عام 1939 بمدينة تريم التاريخية في حضرموت توفي والده وهو لم يكمل عامه الأول نشأ في أسرة عريقة عُرفت بالنجابة والذكاء واشتهرت بالعلم والأدب تربى في رعاية جده زين بن حسن وعمه ووالدته الصالحة بنت عمر بن حسين الكاف أنشأ رهوان للإنتاج الفني 1983 غنى في قاعة ألبرت هول بلندن 1968 حصل على الأسطوانة الذهبية في أثينا من شركة الإنتاج اليونانية لمبيعاتها لأكثر من 4 ملايين نسخة من ألبوم «امتى أنا أشوفك» 1978 حصل على جائزة ثاني أفضل صوت في العالم من منظمة اليونسكو 1983 حصل على وسام تقدير من نادي الطلاب السعوديين بالقاهرة 1989 حصل على وسام الفنون من الدرجة الأولى للفنون في اليمن 1989 حصل على وسام تقدير من مهرجان حفلات الأندلس بالكويت. 1995 كرمته وزارة التراث القومي والثقافة في سلطنة عمان 1999 حصل على جائزة أفضل أداء ومفتاح تقدير الأداء في مهرجان أبها السياحي 2001 كرمته حكومة البحرين بوسام الدرجة الأولى في الفنون والآداب. 2002 حصل على جائزة أوسكار الأغنية العربية ولقب بفنان القرن من جامعة الدول العربية 2003 الدكتوراه الفخرية في الآداب والفنون من جامعة حضرموت توفي في 10 ديسمبر عام 2017 في مدينة الرياض