لاحظت ولاحظ كثيرون معي أنه في وقت المنع كثيرٌ من المحلات التجارية تعمل ولا تغلق أبوابها مع الأذان للصلوات، ولا حتى مع قيام الصلوات، وذلك -طبعا- لم يكن إلا لطفا من الجهات المختصة، نظرا لأن وقت الناس كان محدودا، وهم في حاجة إلى الساعة الواحدة لقضاء حوائجهم، لا لضيق الوقت بل لسوء تدبير البعض، أو قلة مراكز الخدمة في بعض القرى أو الهجر، وليس من المناسب أن يتم إغلاق المحلات التجارية وتضييع الوقت، وفي ذلك ضرر على الناس وضرر -أيضا- على المستثمر الذي أضر به الحجر، كما أضر بالعالم كله من قبله. رأينا الناس تأخذ حوائجها وتذهب إلى المساجد وتؤدي الصلاة، ورأينا من العمالة كثيرين، ممن لم يغلق ويذهب للصلاة، كونه على دين آخر والأمر لا يعنيه. لكنا لم نر أحدا تهاون في فريضة الصلاة أو أنكر وجوبها أو حتى تركها من المسلمين، إذ ليس الأمر أصلا مرتبطا بإغلاق محل أو فتحه، وإلا لكان مسلمو العالم كلهم لا يعظّمون الصلاة. كنا نسمع حجة أن الإغلاق وقت صلوات الفرائض -عدا الجمعة- من عدم تعظيم الصلاة، وأنه يعد من التهاون فيها، والحقيقة أن هذا الأمر لم يتضح خلال أزمة كورونا، فجميع المسلمين يقضون حاجاتهم ثم يهرعون إلى صلاتهم، بل لم نسمع فقيها واحدا أنكر الأمر على منبر جمعة، بل الأجمل أنا رأينا الفقيه والعالم والمجتهد والعامي جميعهم يبتاعون وقت أذان الصلاة وبعده وينتهون من شأنهم، ويتوجهون لأداء الصلاة، لم ينكروا، بل علموا أن لا ضير، بل استمتعوا بسماحة الإسلام. وإن أتى آت وقال: هذا كان أمرًا أباحته الضرورة، فسنقول كان فتح المنع من السادسة صباحا وحتى الثامنة مساء، والحقيقة أن هذا وقت كاف لإنجاز الإعمال وإحضار الطلبات وغير ذلك، لكن الحقيقة يا أخي -وأقصد المعترض على ما قلت- أن السبب هو أنه لا مشكلة ولا مانع ولا ضرر من بقاء المحلات تعمل بعد الأذان، بل في ذلك مصالح اقتصادية وقضاء لحاجات الناس، وها هي كورونا أكبر شاهد، فقد قضينا حوائجنا -وأنت معنا- ورجعنا إلى مساجدنا وصلينا وعظمنا الصلاة. فأين التهاون؟! أخي الكريم، إن تعظيم الصلاة الحقيقي ليس بتصفيد الأبواب، ولكنه بأداء الفريضة في وقتها والمداومة عليها، وجعلها منهجا ومؤثرا في سلوكنا الحياتي. فهل يا ترى ستكون هذه الأزمة نقطة بداية لإلغاء الإقفال الإجباري وقت الصلوات؟! طيب شوفونا ما كفرنا!.