فنان يعتبر صاحب أول أغنية عاطفية تذاع عبر الإذاعات السعودية، أبحر مع الموسيقى والأحلام البريئة التي لم تتحقق إلا في خياله. في حي (المسفلة) أحد أحياء مكةالمكرمة التاريخية بالقرب من المسجد الحرام، ولد حيث عرفت عائلته هناك بتجارة الأقمشة والمواد الغذائية، لكن حب الموسيقى كان يدّب في خاطره وهو في الثامنة من عمره، كما شاطره حلم الطيران، وهي الوظيفة التي كان يطمح إليها بعد أن يكبر. حلم الطيران في ريعان شبابه كان الفنان الراحل محمود خان يستمع دائماً لأغاني (حسن جاوا) و(إسماعيل کردوس) و(محمد بن شاهين) و(فهد أبو حميدي) و(محمود مؤمنة) و(حسني داغستاني) و(سعيد أبو خشبة) وغيرهم. كانوا يجتمعون في بيت جده، وقد عاش فترة طويلة وهو بينهم، لهذا تأثر بهم وأخذ يقلد أداءهم. ما إن اشتد عوده وتخرج في المدرسة حتى سارع بالتقديم في الطيران الحربي وسافر إلى (المنطقة الشرقية) وتم قبول أوراقه، ولكن هذه الأُمنية التي تحققت وبدأ (محمود) في صقلها بالدراسة الأكاديمية لم تكن محببة لأهله ففراق الابن كان دائما يعزّ على والدته، وفعلا حينما عاد لمكة في إحدى زياراته، طلبت منه والدته البقاء وعدم العودة مرة أخرى إلى المنطقة الشرقية لاستكمال دراسته، فلبى طلبها لكسب رضاها وعاد لمزاولة التجارة والفن معا. عشق الدانة مع انطلاقة الإذاعة السعودية من عرفات في أول أكتوبر 1949 كان (محمود الهاشمي) الشهير ب (محمود خان) يحمل (عوده) ويدندن عليه لون (الدانة) الحجازية والإنشاد الديني والابتهالات، يقول (عشقت الدانات من «حسن جاوا» فنان مكة الشهير في ذلك الوقت، حيث كان يصيّف في الطائف في بيت جدي، ويصحبه فنانون كبار مثل «كردوس» و»حسن عبدالرحيم» و»عمر باعشن، وهؤلاء يكبروننا وسبقونا إلى عالم الفن، وكان هناك مجموعة من المغنيات أيضاً سمعت منهن الدانات أمثال «مريم طايفية» و»خديجة غفارة» و»بنات الزايدية». عود الشريفة في نهاية عام 1955 تفاقم الحلم الموسيقي في حناياه وأصبحت الموسيقى كل دنياه، يقول خان راوياً «كان الغناء ينتشر في «دواوين» البيوت المكية، المجتمع بأسره كان محباً للفن والغناء، وإن كنت لا أنسى أن بعض الأفراد كانوا يتضايقون فيحاولون منع الناس حتى من تشغيل «الراديو»، الجهاز الوحيد الذي كان صلة الوصل بيننا وبين العالم في ذلك الوقت في الخمسينيات الميلادية، وكنت أجلس إزاءه ألتقط منه الأغنيات المبثوثة، أدونها وأحفظها، وبعد ذلك حدث أن اشتريت أول عود من (الشريفة سعدية) في «سويقة» بمعاونة صديقي الشاعر (صديق جيلاني) وأذكر أن ثمنه كان 150 ريالاً». الأغنية الأولى يسرد خان حكاية أول أغنية انطلقت من (الإذاعة السعودية) فيقول «في عام 1956 جاءني الشاعر (صديق جيلاني) بكلمات ترحيبية لشهر رمضان وفرحة العيد، واقترح عليّ تلحينها وغناءها، فذهبت بها لعباس غزاوي مدير البرامج، وأعلنت رغبتي في غناء تلك الكلمات وتقديمها عبر الإذاعة، ولم تكن الإذاعة تذيع غير الموسيقى والابتهالات، فوافق بعد إجازة الكلام المغنى. ثم اجتمعت مع الفرقة والكورال وشرعنا في إجراء البروفات، ثم سجلنا الأغنية في مقر الإذاعة بجبل هندي بمكةالمكرمة، وبثت في شهر رمضان وأذكر أنني نلت مبلغ 500 ريال سعودي مكافأة عليها». ورد الشجر عد النقاد الفنان (محمود خان) أول من قدم الأغنية العاطفية في الإذاعة السعودية أيضاً، وقد دوّن الصحفي علي فقندش في موسوعته الفنية أن أول أغنية عاطفية سعودية تبث في الإذاعة هي أغنية «ورد الشجر» لمحمود خان من كلمات (صديق جيلاني). بدأ نجم محمود خان يعلو في سماء النغم والطرب فشجعه ذلك على أن يسافر إلى مصر ليتعلم العزف على العود أكاديميا ويتعلم كتابة النوتة الموسيقية، وهناك في بلاد الكنانة تعلم على يد عبدالفتاح صبري، بعد دروس مكثفة في النوتة الموسيقية والأنغام الشرقية. فرقة موسيقية بمكة كان (خان) ملازماً للفنان (محمود حلواني) وتأثر بأسلوبه في الغناء وتعلم منه الكثير فيما يخص العزف وأسرار آلة العود. في سنة 1956 سافر إلى (مصر) إبان العدوان الثلاثي، وهناك بهرته الفرق الموسيقية، فأخذ يهجس بتكوين فرقة موسيقية في بلاده على غرار ما شاهد في مصر. وعندما عاد إلى (مكةالمكرمة) ناقش الأمر مع أصدقائه الموسيقيين (محمد بن شاهين) و(حمزة مغربي) و(سعيد شاولي)، واتفق الأربعة على تكوين فرقة موسيقية فأنشئت على الفور وتولى خان العزف على العود والمغربي القانون وشاولي الكمان وابن شاهين الرق، وقد كان يقودها كمطرب في الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية. عازف الكونترباص محمود خان أول فنان سعودي يعزف على آلة (الكونترباص) التي عشقها إلى حد أنها شغلته عن التلحين والغناء لسنوات، ويفصل (خان) هذا العشق فيتطرق لبداية علاقته بهذه الآلة حين يقول «بعد أن انضممت لفرقة الإذاعة عام 1962، كنت أعزف على آلتي الكمان والعود، حتى لاحظ سعد عبدالوهاب أن الفرقة ينقصها (الكونترباص) الآلة التي تعتبر بمثابة العمود الفقري للفرقة الموسيقية، ومن لحظتها قررت أن أتعلم العزف على هذه الآلة حتى أتقنتها وفاجأت الفرقة بإجادتي العزف عليها، واستمررت أعزف عليها طيلة مشواري حتى إحالتي إلى التقاعد عام 1987، علماً بأنه جاء بعدي العازف عبدالله زارع الذي برع في عزفه على هذه الآلة». تعاون غنى محمود خان على (مسرح الأندلس) بالكويت في مطلع الستينيات الميلادية، كما شارك أستاذه محمود حلواني في أولى الرحلات الخارجية الرسمية إلى دول الخليج، كما تعاون مع مجموعة من الشعراء والملحنين، فغنى ل(إبراهيم خفاجي) أغنية «يقولولي» من ألحان (سامي إحسان) وغنى من ألحان (طلال باغر) «أحلى نغمة» وللملحن (محمد المغيص) غنى «مسي على أصحابي»، وغنى للشاعر (صالح جلال) عدة أغانٍ، من بينها (أركان الإسلام) و(الله يسعد صباحك) و(صح النوم) و(صباح المحبة) و(كلام الناس) وغيرها. إثراء رافق (محمود خان) في مسيرته الفنية التي استمرت 45 عاماً معظم رواد الأغنية في السعودية بدءاً من (طارق عبدالحكيم) و(عبدالله محمد) و(عمر كدرس) و(عبدالله المرشدي) و(طلال مداح) و(محمد عبده) و(غازي علي)، وأسهم بجهد فاعل في رفع كفاءة أداء الفرقة الموسيقية للإذاعة، إضافة إلى أدواره في مجال التلحين والغناء بشكل أثرى مكتبة الإذاعة الغنائية والموسيقية. الرحيل اعتزل محمود خان الغناء عام 1987 ليتفرغ لأسرته بعد تلك النجاحات الكبيرة التي حققها في عالم النغم والفن، وكان من أهم العازفين في فرقة المسرح والتلفزيون، وبعد 19 عاما من اعتزال الفن توفي عام 2012 بعد عطاء استمر لعقود من الزمن، ترك في المكتبة الموسيقية السعودية إرثا فنيا موسيقيا يقيم بأنه من إنتاج الكبار. محمود عبداللطيف الهاشمي اسم الشهرة (محمود خان) ولد عام 1933 في (مكةالمكرمة) صاحب أول أغنية تبثها الإذاعة السعودية عام 1956 أول عازف كونترباص بفرقة الإذاعة