تعالت الأصوات وتثاقلت القلوب وتراجعت المعنويات بسبب البقاء في المنازل أثناء المنع والحجر الصحي، أشعرونا بأن بوصلة العالم قد انحرف توقيتها ومسارها جراء بقائهم في بيوتهم متنعمين بالأمن والأمان بين أبنائهم وأحبتهم.. أبقوا في منازلكم كي تجنبوا أحبتكم وأنفسكم هذا الفيروس الذي آل إلى الزوال بإذن الله. ماذا ستصنع تلك الأفواه الرنانة بالملل والروتين، فاختراعاتكم الذكية توقفت وأوقفت عبقريتكم الفذة، وأعمالكم الخيرة انقطع صيتها، أما مصانعكم النافعة فتعطلت مكائنها. صدقوني، لا جديد لديكم سوى الشعور فقط بالسجن الداخلي الذي مكنكم من قضاء أطول وقت مع أنفسكم والهرب منها، للخروج إلى ملهيات الحياة التي تنقذكم من ذواتكم والإنصات لها. ستُفتح الحياة ذراعيها عما قريب، فماذا ستقدمون لها بعد هذه العزلة الصارخة بين جدران أرواحكم؟.. لا شيء سوى التسكع مجددا بين ضوضاء وصراخ هذا العالم، ستعودون إلى العتمة التي اعتدتم عليها لأنها تبقيكم بعيدين عن حقيقتكم المطلقة التي لطالما تجاهلتموها وأعدمتم تواجدها. ستعودون إلى الحياة الهزلية وركاكة العيش وإلى أعمالكم وأنشطتكم التي كنتم تمارسونها قبل هذه الجائحة، وكنتم غير راضين ومتذمرين منها حتى فقدتموها وفقدتم لذة الاستشعار بها، وصرتم تطالبون بعودتها عاجلا، مع أنكم كنتم غير فعالين فيها من قبل. هكذا هم أفئدتهم هواء كطبلة فارغة من لذة الشعور والاستمتاع بكل صغيرة وكبيرة، المهم الركض إلى مصير جديد لتغيير خارطة حياتهم والاستعجال بأيامهم القادمة. (مخرج) (من لم تنضجه العزلة لن ينضجه الصخب).