نامت أعين سكان المملكة على أمر ملكي منع التجول، بدءا من السابعة من مساء أول من أمس إلى السادسة صباحا، وأفاقت على وقع أقدام هرعت منذ ساعات الصباح الأولى إلى الطرقات ساعية في مسالك الأرض، مركزة على الأخص على الحصول على المواد الغذائية وفيتامين سي والخضروات والفواكه، وغيرها، حتى تحولت البقالات في أول صباح تالٍ لمنع التجول وكأنها في أيام استقبال شهر رمضان المبارك. لم يتغير كثيرا على السعوديين والمقيمين، فما زال كل شيء متوافرا، وما زالت المحلات تعمل ساعات كافية، وحتى في ساعات منع التجول ما زالت الصيدليات ومحلات السوبرماركت تمارس عملها، وتوصل الطلبات للراغبين، مستفيدة من تطبيقات الجوال. ساعة للرياضة استبق السعوديون ساعات منع التجول بالرياضة، وممارسة المشي حول بيوتهم في مماشٍ مخصصة لذلك، مستبقين الغروب، ومحاولين تجنب أشعة الشمس، ومع اقتراب ساعة بدء تطبيق المنع، استشعر الجميع المسؤولية، وتسابقوا إلى بيوتهم، التزاما بالتوجيهات، وخشية من العقوبات. ومع بدء المنع تحولت الشوارع إلى ممرات للفراغ، وحدها دوريات الشرطة كانت تمخر عباب الطرقات، تنبه الجميع للالتزام بمنازلهم، مستخدمة مكبرات الصوت العالية، معلنة «حفاظا على صحتكم ولسلامتكم وأمنكم، نأمل منكم البقاء في منازلكم والتعليمات التي وضعت من أجلكم، بقاؤكم في منازلكم يبرهن استشعاركم للمسؤولية، وصحتكم تهمنا، وأمنكم واجبنا، وكلنا مسؤول». مسؤولية تحت شعار «كلنا مسؤول» التزم المواطنون والمقيمون بالتعليمات، كان المنع تقييدا لحركة الناس لظرف استثنائي، وضمن مدى زمني معين ومحدد، وتلجأ له السلطات كخيار اضطراري، وهو ما لمسته الجهات المعنية بعدما لاحظت وجود مخالطين جراء اللقاءات الأسرية وإقامة المناسبات الاجتماعية في البيوت عقب إغلاق صالات الأفراح، ولذا صدر الأمر بمنع التجوال للحد قدر الإمكان من التجمعات، وإلزام الجميع بمنازلهم حفظا لهم، ومراعاة لصحتهم. ذكريات حرب الخليج مع تطبيق حظر التجول بمحافظة الخفجي حيز التنفيذ، خلت شوارع وأحياء المحافظة، من المركبات والمارة، حيث انتشرت الأجهزة الأمنية من دوريات وأفراد حول الطرق والدوارات الرئيسة لمنع أي تجاوزات لحظر التجوال. وأعادت مشاهد خلو شوارع ومرافق محافظة الخفجي من الناس والمركبات إلى ذاكرة أهالي المحافظة أحداث حرب الخليج في 1991، حينما أجلت الدولة سكان محافظة الخفجي بالكامل، وتوزيعهم على بقية مناطق المملكة؛ تمهيدا لدخول القوات السعودية والخليجية لمواجهة الجيش العراقي الذي كان على مشارف الحدود السعودية الكويتية، وبفضل الله ثم بجهود بواسل الجيش السعودي تم تطهير الخفجي من فلول الجيش العراقي. وقال عدد ممن عاصروا حرب الخليج من أهالي محافظة الخفجي ل«الوطن»: «إن غياب الحركة في الأحياء والشوارع استرجع ذاكرتنا لأيام خروجنا من محافظتنا تنفيذا لأوامر الدولة بأجلائنا، حفاظا على سلامتنا من خطر كان يترصد بنا».