في البيت يتوزع الوالدان الأدوار في تربية أولادهما، فالأم عاطفية، والأب حازم، ولو كان كلاهما عاطفيا لضاع الأولاد، وإن كانا حازمين لنفروا، ولكن الحكمة تقتضي توزيع الأدوار التكاملية، مثل خط الإنتاج. وهكذا في الدولة تتوزع الأدوار، فالسلطة التشريعية تقنن للسلطتين القضائية والتنفيذية ثم تراقب الأداء، والرقابة لضمان جودة التنفيذ كماً وكيفاً، وهكذا حتى في القطاع الخاص، حيث تدفع الشركات الملايين لمؤسسات رقابية تفحص أعمالها وتكشف خللها لتطوير أدائها، وبالتالي يعتبر كاشف الخلل ومبين الزلل خادما للمنشأة وليس هادماً لها، والساكت عن الحق شيطان أخرس لا يهمه إلا مصلحته الخاصة على حساب المصلحة العامة. وهكذا على منصة القضاء حيث يقوم وكيل النيابة بدوره بالاتهام، ويقوم المحامي الذي ربما كلفته الدولة بالدفاع عن المتهم، ويقوم القاضي بالحكم، وجميع هؤلاء الثلاثة تدفع أجورهم الدولة لتحقيق الهدف السامي. ومثله 3 قبب تقوم بالعمل الرقابي، أولها قبة رسمية هي البرلمان، وثانيها قبة خاصة لكتاب الرأي في الصحف، وثالثها قبة عامة للناس في تويتر. وحينما تفسد أو تقصر واحدة من تلك القبب فقد اختل التوزيع للأدوار وبدأ الفساد بأنواعه الخمسة، الذي كتبته هنا بعنوان (الفساد الخماسي)، وبعده كتبت (النزاهة الشاملة) و(حسم الفساد) ثم (الفسادان المستشريان). وقافلة القلم الحر تسير تحت قبة (حرية الصحافة) من أجل (النقد الوطني الإيجابي) لصالح البلاد المقدسة والعباد المخلصين الذين يستحقون المزيد.