يتداول كثيرون حينما يريدون الثناء مقولة إن (شهادتي فيه مجروحة)، نظرا لمعرفتهم القريبة من الشخصية التي يريدون الثناء عليها!! وبالتالي يتوقف عن الذكر المستحق لمن يستحق!! أو قد يكون فيها من المجاملة تقدير للمحبة والصداقة والصحبة!! اسمحوا لي أن أقول بأنني أختلف مع هذا المنطق..!! لأسباب منها، أننا هل ننتظر الغريب حتى يشهد لنا عن القريب أو الحبيب..!! وهل نتوقع ممن لا يعرف الرجل أن يشهد بما لا يعلم..!! أم أن الأولى بالشهادة ذلك الشخص القريب الذي يعلم عن الشخصية وبذلها وحبها ودعمها وتفانيها وربما أكثر من ذلك. * ما يجب أن نؤمن به هو أن الأكثر قربا من الشخص هو الأكثر قدرة على قول الحقيقة!! والشهادة والثناء المستحق من شيم الكرام والجود الشخصي. لأن هناك من الناس من يبخل حتى بالشكر والثناء ويبرر ذلك بالغرائب. ومن الأهمية بمكان أن نعلم أن الشريعة تؤكد ذلك، حيث إن الإنسان متوقع منه أن يشهد بما علم ويعلم (*ما شهدنا إلا بما علمنا*)، هذا توجيه رباني بأهمية الشهادة على المعرفة. ثم قول المصطفى صلى الله عليه وسلم (أنتم شهداء الله في أرضه)، والأدلة على ذلك يصعب إحصاؤها ومنها ما قاله ابن بطال في شرحه لحديث (وأرجو أن تكون منهم) «أنه يجوز الثناء على الناس بما فيهم على وجه الإعلام بصفاتهم، لتُعرف لهم سابقتُهم وتقدمُهم في الفضل، فينزلوا منازلهم، ويُقدَّموا على من لا يساويهم، ويُقتدى بهم في الخير، ولو لم يجز وصفُهم بالخير والثناء عليهم بأحوالهم لم يُعلم أهل الفضل من غيرهم، ألا ترى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- خصَّ أصحابه بخواص من الفضائل بانُوا بها عن سائر الناس وعُرفوا بها إلى يوم القيامة». مقدمتي هذه هي عبارة عن تقدير وشهادة وثناء بكل ما تحمله هذه المعاني من جمال وكمال وأبعاد للشخصية التي جعلت * من فكرها انطلاقة لكثير من مبادرات الشباب.. * ومن عملها قدوة لمختلف شرائح المجتمع.. * ومن حضورها طاقة لكل فعاليات المجتمع.. * ومن دعمها حافزا ومحفزا لكل إدارات المجتمع.. ومن سعة أفقها احتواء كل متغيرات المجتمع.. * ومن تواضعها دروسا لكل قيادات المجتمع.. * ومن متابعتها وتوجيهاتها شعورا بالشراكة مع كل قنوات المجتمع..!! * شخصية تسبق بدلالات حواراتها ومناقشاتها ومقترحاتها، ما يمكن أن يحدث في مستقبلها..!! * شخصية لا تشعرك أبدا بالعمل لها، بل بالعمل معها..!! * شخصية تبتهج وتتوهج مع أي خبر يفيد مجتمعاتها.. * شخصية تمنح الجميع الفرص وتفتح الآفاق ثم تترك لكل من يعنيه الأمر الإبداع والتجديد..!! * شخصية تعشق أي عمل وفكرة ولفتة وفعالية تعزز الوحدة وتعمق اللحمة وتدعم التنمية وتحقق الأمن. * الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم* هو في الحقيقة شاهد على نفسه. بمعنى أن أعماله وأفكاره ومؤلفاته ومشروعاته ومبادراته شواهد حية لسمو هذه الشخصية. دعوني أقول إن هذه الشخصية حببت الناس بالإمارة، لأنها أشعرتهم بالمعنى الحضاري والراقي والتنموي بل والأخوي لسيرة ومسيرة وإدارة إمارة المنطقة. ومما قيل في محاسن الشخصيات وجاذبيتها «لهم وجوه تفيض بالنور، وملامح تشي بالنقاء، وحضور يبعث على الراحة، ثمة طمأنينة تلمسها بالقُرب منهم، وصفاء ينبع بين طيّاتهم، وجمال ينعكس على ما حولهم، وتجد روحك منذ أول لقاء تميل إليهم». هذه المعاني التي تم ذكرها وما لم يتم من محاسن الشخصية في حلمها وعلمها وعملها وتعاملاتها تجعل الإنسان لا يكتفي بالثناء، بل بالدعاء الخاص والخالص لهذا الأمير المتألق بالتوفيق والسداد والإعانة. * أتابع من موقع مسؤوليتي وملاحظاتي وأدون ما أجده من مختلف الإدارات الحكومية حينما يتم اللقاء بهم أو معهم، وكيف يتعاملون ويعملون أو يصفون مشاعرهم مع سموه الكريم، أجد التوهج الصادق في جنبات الجامعة وأمانة القصيم ومختلف إدارات المنطقة حينما يزور سموه فعالياتها وكيف يترك آثاره عليها. له مع رجالات المنطقة صولات وجولات، حيث تجده معهم في كل شاردة وواردة، معهم في أفراحهم وأتراحهم. جعل من شباب المنطقة -بنين وبنات- نموذجا يحتذى به على مستوى الوطن!! أسس مجالس الشباب تحمل همومهم ورعاية شؤونهم..!! كل المبادرات التي ترد على خواطرهم تجدها ماثلة أمامهم بمشاركته ومباركته، سارع وبادر ليس بتشغيل عاطلهم فقط، بل بتوطين شخصياتهم من خلال دعمها بعطائها وانتمائها. في مختلف شؤون المنطقة له بادرة ومباركة في الصحة والتمكين والتعليم والتفوق والطرق واللجان الفاعلة والتأليف والتنسيق والسياحة والمجالات الخيرية والحوارات والجلسات الفكرية والثقافية، بكل معاني الحقيقة جعل من القصيم منبعا للحيوية والمأسسة المدنية. وتوج ذلك بإنشاء مؤسسة باسم سموه (مجتمعي) تعنى بكل مجالات المجتمع وتنميته، والتي لمسنا آثارها الرائدة في شراكاتها ومشاركاتها بفريقها الطموح. * أريد أن أبوح بشيء مما أعلمه أحبابي وطلابي وهو* (أن ما يحمله الإنسان من صدق وحب وعلم وعمل وإصلاح سيجد أثره البالغ والمتنوع في التأثير في مجتمعه، وبالتالي القبول الذي يمنحه الله إياه حسب تنوع عمله وحمل مسؤوليته). ما يثير التقدير هو أن ما يطرحه سموه ويتمثله عبارة عن منهج (مدرسة)، حيث يطرح قواعد منهجية للحياة ومنها -كمثال- قوله في قاعة جامعة القصيم وهو يوجه الجميع على أهمية التزود من العلم الشرعي، إن (علوم الشريعة كالمقبض للسيف)، مؤكدا على أن أي علم دنيوي ليس له قاعدة شرعية (مقبض) فقد يجرح نفسه، ولا يمكن أن يؤدي دوره بكفاءة دون قاعدة شرعية. هذه السمعة المحترمة والمستدامة الأثر ليست سمعة طارئة أو موسمية أو مؤقتة تجيء بسبب كرسي أو منصب أو مرتبة وتذهب معه، بل هي على الدوام باقية لأنها ربطت كل ذلك بالحي القيوم، وهي ما تتمثل بشكل واضح في هذا الأمير الأنموذج المتألق (فيصل بن مشعل). حيث أشعل كثيرا من القناديل المضيئة في مختلف مجالات الحياة في منطقة الحياة.. القصيم. هذه المسيرة والحراك تصاحبه دوما لغة التوازن وعدم إغفال جزء على حساب آخر في منظومة التنمية القصيمية. * وجمال الشخصية الأميرية والمنطقة كونهما تكاملا في سماتهما الشخصية، حيث العلم والعمل والمبادرة والتفاعل. هذا الأنموذج من السمو يعكس موسوعة إنسانية وقدوة أخلاقية تشعر بمعنى البركة حينما تتعامل معها، أو تسمع بها وبمنجزاتها على مستواها الخاص وعلى مسؤولياتها المتنوعة العامة. هذا الحس الذي تركز عليه هذه الشخصية النموذجية يمكن أن تقرأه من خلال اهتمامها الدائم في هذا المنظومة الخماسية: * أولا: تأكيدها في مختلف المحافل على رضا الله والالتزام بالقسم أمام ولي الأمر. * ثانيا: لغة الفأل والتوازن والاتزان التي دائما ما تصاحب الكلمات والأفعال. * ثالثا: الحس الوطني الأصيل الذي يستحضره في كل لقاء. * رابعا: اللغة العملية الحاضرة لكل فكرة، فليس لعملية التنظير مكان. * خامسا: تقديس كل معاني الوحدة واللحمة الوطنية، والتأكيد على نفي ما يثير الفتنة والفرقة والانقسام. والجمال والكمال لهذه المنظومة العملية الخماسية أن تراها ماثلة أمامك رأي العين دون كلل أو ملل أو تراخ، إنها المنهج اليومي الذي يستحق أن يكون مدرسة لكل رواد القيادة في المؤسسات الحكومية والأهلية. بارك الله هذا الكيان الإنساني الشامخ، علما وعملا وتعاملا وشهامة وشهادة. والله من قبل ومن بعد على ما أسطره لهذه الشخصية شهيد. حفظه الله ورعاه، وبارك أقواله وأعماله وإنجازاته. آمين * جامعة القصيم