انطلقت المحاكمة التاريخية الساعية لعزل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قبل يومين من بدء جلسات مجلس الشيوخ، مع تقديم طرفي القضية حججهما الأحد وبروز نقاشات حامية بين الجمهوريين والديموقراطيين في وسائل الإعلام. وقدّم الفريق القانوني للرئيس الأمريكي ال45 والثالث في تاريخ الولاياتالمتحدة الذي يواجه إجراءات مماثلة وسط احتمال عدم التمكن من عزله، "الردّ" الأول مساء السبت على لائحة الاتهام المشتملة على إساءة استعمال السلطة وعرقلة عمل الكونجرس. وندد محاميا الرئيس الجمهوري، جاي سيكولو وبات سيبولوني، في متن الردّ بما اعتبراه "هجوما خطيرا على حق الأمريكيين في اختيار رئيسهم بحرّية". وبدأت القضية في سبتمبر حينما نبّه مبلّغ إلى اتصال هاتفي طلب خلاله دونالد ترمب من نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إجراء تحقيق بشأن منافسه الديموقراطي المحتمل في الانتخابات الرئاسية المقبلة، جو بايدن. ويفيد القرار الاتهامي الصادر في ديسمبر عن مجلس النواب حيث الغالبية للديموقراطيين، بأن ترمب مارس ضغوطا على زيلينسكي عندما اشترط أن يعلن هذه التحقيقات قبل دعوته إلى البيت الأبيض وتسليم مساعدة عسكرية مهمة لكييف. وقال المحاميان إن "نص الاتهام غير دستوري ويجب أن يُرد، ولا يتضمن أي جريمة أو انتهاكا للقانون". موقف سخيف وفند المحاميان الاتهامات الموجهة إلى ترمب، وأشارا إلى أنه التقى الرئيس الأوكراني في الأممالمتحدة في سبتمبر وتم السماح بتسليم المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا. من جانبه، قدّم أستاذ القانون العام آلان درشوفيتز الذي ضمّه الفريق الرئاسي إلى هيئة الدفاع، حجة أخرى تفيد بأنّه حتى لو جرى إثبات أنّ نزيل البيت الأبيض سعى فعلاً إلى فرض مساومة كهذه على كييف، فإنّ ذلك ليس جريمة. وشدد درشوفيتز الأحد عبر قناة "إيه. بي. سي." على أنّ "سوء استعمال السلطة ليس مبررا دستوريا للعزل". واعتبر أن المبدأ "غامض إلى درجة أن نصف الرؤساء الأمريكيين، من آدامز حتى جفرسون، ومن لينكولن حتى روزفلت، جرى اتهامهم من قبل خصومهم السياسيين بأنّهم أساؤوا استعمال السلطة". وسخر الديموقراطي آدم شيف الذي سيكون المدعي العام في مجلس الشيوخ، مما وصفه ب"الشيء الجديد الوحيد في الدفاع عن الرئيس"، وأعاد ذلك إلى "واقع" أنّ محامي ترمب "لا يمكنهم إنكار الوقائع". وقال شيف في مداخلة عبر "إيه. بي. سي."، "إذا اتبعنا منطق هذا الموقف السخيف، فسيكون بمقدور الرئيس حينها منح ولاية ألاسكا". وأضاف أن سوء استعمال السلطة كان "في صلب ما اعتبر آباء الدستور أنه يستوجب العزل". من جانبهم، قدم الأعضاء الديموقراطيون في مجلس النواب حججهم السبت، ودعوا مجلس الشيوخ إلى "إزالة التهديد الذي يشكله الرئيس على الأمن القومي". بحضور شهود أو من دونهم؟ وانطلق سجال آخر حول مدة وإجراءات المحاكمة التي بدأت رسميا الخميس بأداء أعضاء مجلس الشيوخ اليمين بأن يكونوا غير منحازين، فيما يرتقب بدء الجلسات الثلاثاء. وتطالب المعارضة باستدعاء 4 شهود رئيسيين، بينهم كبير موظفي البيت الأبيض ميك مولفاني ومستشار الأمن القومي السابق جون بولتون. غير أنّ زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونل الذي يؤكد أنه على "تنسيق تام" مع البيت الأبيض، يبدو راغبا في إمرار المحاكمة من دون شهود، وألا تتعدى الأسبوعين. ولا يزال الجمهوريون داعمين بشكل تام لرئيسهم الذي لا شكوك في إمكان تبرأته في ظل حيازة حزبه غالبية من 53 مقعدا من أصل 100 في مجلس الشيوخ. واعتبر آدم شيف أنّ محاكمة بلا شهود ووثائق "ستكون أشبه بمحاكمة صورية". وقال عضو مجلس الشيوخ القريب من دونالد ترمب، الجمهوري ليندسي غراهام، عبر قناة فوكس نيوز، "أريد أن يتم الانتهاء من هذه المحاكمة في أسرع وقت ممكن". وأضاف "أريد أن يختار الشعب الأمريكي رئيسه المقبل، لا محكمة عزل". ولدى سؤاله عن تطلعات دونالد ترمب، قال إنّه "يأمل أن يتمكن من إلقاء خطاب حالة الاتحاد والحديث عمّا يريد فعله في 2020 والسنوات الأربع المقبلة". وتحدد موعد هذا الخطاب في 4 فبراير، بعد أسبوعين من بدء الجلسات.