كلما تقدم بنا الزمن اختلفت أساليب التربية والتعامل مع الأسرة. فالمفهوم والطريقة -حتما- يجب أن يتغيّرا، والخطاب الثقافي والفكري والتربوي يحتاج مزيدا من التطوير والمحاكاة الاجتماعية، فهم منا ونحن منهم. هناك أكثر من تعريف لمعنى التحرش، ولكن دعونا نأخذ التعريف العام في الأوساط العلمية والنفسية، وهو التعرض الجسدي بالقوة، مما ينتج عن ذلك حالة من العنف، والغرض من ذلك إشباع الغريزة البهيمية. وحسب الإحصاءات، غالب حالات التحرش الجنسي لا يحدث عادة من الغرباء، وإنما يكون داخل البيت العائلي، أي الأسرة بوجه عام وليس بيت الطفل نفسه، وربما يكون العامل الرئيسي وراء ذلك، الثقة العمياء في الأقرباء وذويهم، وهنا لا بد من توضيح الصورة بشكل أكبر. عزوف الأبناء والأمهات عن الإجابة عن الأسئلة الملحة عند الأطفال، مثل ما معنى الأعضاء التناسلية عند الذكور وعند الإناث، يجعلهم يبحثون عنها في المدرسة والشارع، والأقارب المتحررين والمنفتحين بشيء من الصراحة الفجّة، مما يسبب عندهم تصورا يصبح مع الوقت الرغبة في التجربة دون فهم المعنى. إذ يرى المختصون في هذا المجال، أن الأطفال -البنات والأولاد- عند سن 3 أو 4 سنوات، أن لهم أعضاء تناسلية مختلفة، وقد نجد بعض الأطفال يسعى إلى استكشاف الأعضاء الجنسية له. فكما يتعلم الأطفال المشي والكلام، فإن ذلك يترافق مع رغبة الطفل في التعرف على أجزاء جسمه، ومن ذلك الأعضاء التناسلية. هنا، من المهم فتح هذا الموضوع بأسلوب بسيط يشبع تساؤلاتهم، دون أن يثير عليهم الاستفهامات المغلوطة، والتي تجدها بشكل كبير وواضح الآن في «سوشيال ميديا»، خصوصا «سناب شات» و«إنستجرام». لغة العنف مع الأطفال لا تولد إلا مزيدا من الغموض معهم، ويفتح الباب على مصراعيه للتنفيس مع أصدقائهم المقربين، ولا ندري عن مستوى تربية هؤلاء، فإذا كانوا على قدر من القيم والأخلاق انعكس عليهم ذلك. الأمس غير اليوم، فمن السهل تلقي طلبات الصداقة والتعرف على شخصيات من أنحاء العالم كافة، والالتقاء معهم في مكان معين. فالأطفال غالبا في هذا العمر لا يدركون مخاطر العلاقة، وما الهدف منها، لأنهم بسطاء وعلى نيّاتهم.