الإغراق أحد الوسائل القوية لهدم الصناعة المحلية، وتتم عملية الإغراق من خلال ضخ كميات كبيرة من سلعة معينة وبأسعار أقل من السوق، ما يؤدي إلى إقبال المستهلكين على هذه السلعة وترك المنتج المحلي، ما يكبد المصانع خسائر فادحة، وقد تضطر أحيانا إلى إيقاف الإنتاج، ما يجعل السلعة المستوردة هي المتحكم الرئيس في السوق من حيث السعر والكميات المطروحة. شهدت بعض الصناعات المحلية في المملكة عمليات إغراق منها: صناعات الحديد والسيراميك والبطاريات وأنابيب النفط والغاز. وأصدرت اللجنة الدائمة الخليجية لمكافحة الممارسات الضارة في التجارة الدولية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، قرارها بقبول شكوى مكافحة الإغراق التي تقدمت بها الصناعة الخليجية، ضد واردات من منتج بلاط وترابيع من خزف للتبليط أو التغطية للجدران أو المواقد، (السيراميك، والبورسلين) من دول الصين، والهند، وإسبانيا. مكافحة الإغراق تبدأ من معرفة معلومات دقيقة عما نستورده ونصدره وننتجه ونستهلكه وتأثيره على المنتج المحلي، وبعدها تتخذ إجراءات فرض رسوم الإغراق، وإيقاف استيراد السلعة أو زيادة الرسوم الجمركية، ومكافحة الإغراق تسهم في حماية الصناعة الوطنية. وقد قامت الولايات الأميركية في الآونة الأخيرة بمكافحته، حيث ارتفعت قضايا الإغراق بنسبة 303% منذ تولي ترمب بهدف حماية الصناعة والأسواق من حملات الإغراق. نحن نحتاج إلى رصد وسائل الإغراق كافة في أسواقنا، من خلال كود كل سلعة حول حجم إنتاجها المحلي والمستورد من الخارج، بالإضافة حجم الاستهلاك في الأسواق، والقيام بتحليل هذه المعلومات بشكل دقيق، وعندما تتحقق من وجود إغراق تفرض رسوما حمائية، وتوقف استيراد السلع الإغراقية لحماية صناعاتنا المحلية. وفي ظل تحقيق رؤية المملكة 2030 بدعم الصناعة ستسهم في وجود منظومة صناعية قوية ومتكاملة، وقادرة على مكافحة الإغراق، ما يجعل مصانعنا الوطنية تعمل بكامل طاقاتها، بل ويمتد ذلك إلى تصدير إنتاجها للدول الأخرى، خاصة عندما تتهيأ وتجهز البنية التحتية من طرق وإنفاق وموانئ، وسكك حديدية تربطنا بالدول المجاورة بأطوال 20 كم، وهي تتطلب قراراً إستراتيجياً، وتتحول الدولة من مستورد للسلع إلى مصدر، كما يصبح الميزان التجاري بين المملكة والدول الأخرى في صالح المملكة، ونكون في مرحلة تطبيق فعلي لرؤية المملكة 2030، ما ينعكس على الاقتصاد الوطني ودخل المواطن والأجيال القادمة. وتتمتع المملكة بموقع إستراتيجي، فهي تربط ثلاث قارات، وملتقى بين دول الشرق والغرب وإفريقيا، وتمتلك قنوات اتصال متعددة لنقل البضائع بمختلف أنواعها، كل ذلك يسهم في تقليل تكلفة الإنتاج والنقل ما يجعل السلع أكثر تنافسية في العالم. وأعتقد أن المملكة كونها أكبر سوق في المنطقة، ومن ضمن أكبر 20 اقتصادا في العالم، هي الأكثر استهدافاً في ممارسات الإغراق، لضرب الصناعة المحلية، وهذا يتطلب التعامل بحزم وقوة.