هوية إسلامية وتاريخ متجذر    رئيس جمهورية أوكرانيا يصل إلى جدة    الإنتاج الصناعي يسجل نموًا بنسبة 1.3% في يناير 2025    استمرار مبادرة "لك مثل اجره " التي اطلقها فريق قوة عطاء    «مسام» ينزع الأسبوع الماضي 1,058 لغماً وذخيرة غير منفجرة في اليمن    جامعة الإمام تغرس 100 ألف شجرة    أمير تبوك يرعى حفل يوم البر السنوي ويكرم الجمعيات الفائزة بجائزة تبوك للعطاء    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يُبقي مآذن مسجد أم زرينيق الاسطوانية شامخة    أمير المنطقة الشرقية يدشّن مبادرة "الشرقية الخضراء"    نائب أمير المنطقة الشرقية: العلم السعودي رمز للوحدة والاعتزاز بالهوية الوطنية    «سلمان للإغاثة» يدشن مشروع سلة "إطعام" الرمضاني ومشروع "كنف" في لبنان    النصر يستعيد رونالدو ولاجامي    من قلب التاريخ: فعاليات "قلعة تاروت" تعيد إحياء التراث الرمضاني    صندوق الاستثمارات العامة يُطلق شركة "الواحة للأسواق الحرة"    السياحة تعلن عن تجاوز عدد الغرف المرخصة في مكة 268 ألفًا بنسبة نمو 64%    الجمارك تحبط تهريب أكثر من 1.3 مليون حبة "كبتاجون" مُخبأة في إرسالية أجهزة تكييف    اتفاقية تعاون بين شركة حرف السعودية وشركة شكرا لخدمات الأعمال لدعم الحرفيين    سوريا تعلن انتهاء العملية العسكرية في الساحل بعد تحقيق أهدافها الأمنية    المسلم في عين العاصفة    اتفاقية تعاون بين تجمع الرياض الصحي الثالث ومستشفى الملك فيصل التخصصي    أنهى ارتباطه بها.. فقتلته واختفت    42 شهيدًا ومصابا في غزة خلال 24 ساعة    مواقف ذوي الإعاقة    في ترتيب الأكاديمية الوطنية للمخترعين الأمريكية.. الجامعات السعودية تتصدر قائمة أفضل 100 جامعة في العالم    في ختام الجولة 25 من " يلو".. النجمة والعدالة في صراع شرس على الوصافة    البنك السعودي الأول.. أول بنك يتوج بجائزة برنامج الاستدامة لعام 2024 في ملتقى الأسواق المالية    خلال حفلها السنوي بالمدينة.. «آل رفيق الثقافية» تكرم عدداً من الشخصيات    300 مليون دولار.. طلاق محتمل بين جورج كلوني وزوجته اللبنانية    تجاوز ال"45″ عاماً.. الإفطار الجماعي يجدد ذكريات «حارة البخارية»    مخيم عائلة شبيرق بأملج لإفطار الصائمين    تلاعبوا بعواطف جماهير الأندية وأغراهم التفاعل الكبير.. مفسرو أحلام" بميول رياضية" يبحثون عن" الشو الإعلامي" فقط    وفد إسرائيل في الدوحة.. وويتكوف يصل غدًا.. «هدنة غزة».. جولة مفاوضات جديدة وتعقيدات مستمرة    ولي العهد يتلقى رسالة من رئيس إريتريا    اغتراب الأساتذة في فضاء المعرفة    الغذامي والبازعي والمسلم.. ثلاثتهم أثروا المشهد بالسلبية والشخصنة    مدير الأمن العام يرأس اجتماع اللجنة الأمنية بالحج    خيام الندم    سلمان بن سلطان يدشن مشروعات بحثية توثق تاريخ المدينة    الشيخوخة إرث الماضي وحكمة الحاضر لبناء المستقبل    الكشافة في المسجد النبوي أيادٍ بيضاء في خدمة الزوار    سعود يعود بعد غياب لتشكيلة روما    الأمير سعود بن نهار يستقبل قائد منطقة الطائف العسكرية    فيجا يربك حسابات الأهلي    السالم يبتعد بصدارة المحليين    تمبكتي يعود أمام باختاكور    الاتحاد يجهز ميتاي للرياض    فتيات الكشافة السعودية روح وثّابة في خدمة المعتمرين في رمضان    قطاع ومستشفى تنومة يُفعّل "التوعية بالعنف الأُسري"    أبها للولادة والأطفال يُفعّل حملة "التطعيم ضد شلل الأطفال" و "البسمة دواء"    مستشفى خميس مشيط العام يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    شبكة مالية حوثية للهروب من العقوبات    "تكفى لا تعطيني" تحاصر عصابات التسول    نعتز بالمرأة القائدة المرأة التي تصنع الفرق    سلام دائم    أمير منطقة جازان يتسلم التقرير السنوي لجمعية الأمير محمد بن ناصر للإسكان التنموي    العلم شامخ والدعوة مفتوحة    التعاون الإسلامي ترفض تهجير الفلسطينيين وتدين سياسة التجويع    الجامعة العربية تدين تصاعد العنف في الساحل السوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السلطة الخامسة قوة تأثير وضعف تغيير
نشر في الوطن يوم 27 - 12 - 2019

أول من أطلق صفة السلطة الرابعة على الصحافة، هو الإنجليزي أدمونديورك (المتوفى عام 1797)، عندما اتجه إلى مقاعد الصحفيين في مجلس العموم البريطاني، وهو يقول عندما ينظر الإنسان إلى مقاعد الصحفيين يجد «السلطة الرابعة»، بما لها من أهمية اقتصادية واجتماعية وسياسية جعلتها جزءا من الحياة الديمقراطية، ويُطلق هذا المصطلح على وسائل الإعلام عموما وعلى الصحافة خصوصا، ويستخدم في سياق إبراز الدور المؤثر لوسائل الإعلام ليس في تعميم المعرفة والتوعية والتنوير فحسب، بل في تشكيل الرأي العام وتوجيهه والإفصاح عن المعلومات وإبراز القضايا المتنوعة. فالصحافة ونقل الخبر وصناعة الرأي لها دور رئيس ومهم في حياة الشعوب والمجتمعات وتقدمها، وعلامة بارزة في حضارتها وواقعها، فهي إحدى أهم قنوات التواصل بين الشعوب وقيادتها السياسية، وبين الدولة والعالم، وفيها تتم مداولة الخبر على أرض الواقع، ومنها ينطلق الرأي والرأي الآخر والتوجهات والمنجزات والتقارير، وأخبار المجتمع وحراكه السياسي والاقتصادي والاجتماعي والديني والعلمي والفني والرياضي، وأيضا ممارسة حق النقد من أجل التطوير وتنوع الأفكار واختلافها، والصورة من أهم أدوات الصحافة وأدلتها التي تؤكد الخبر وتعطيه قوة تأثير وتجعل له مصداقية، وهي المُلهم للصحفيين والمحررين لتوضيح الرأي والأفكار والتحليلات والنقد، وقراءة التوقعات وبناء رؤية حول الموضوعات والأحداث. ولطالما عرَّض المصورون حياتهم للخطر والظروف القاسية من أجل نقل الصورة ومجريات الأحداث. بتطور الصحافة الإلكترونية أصبحت الصورة الثابتة والمتحركة (الفيديو) عنصرا مهما على صفحاتها ورسالتها وتعبيرها وقدرتها على إحداث التغيير في الرأي، وتشكيل الوعي العام وخلق الحراك الثقافي والسياسي اعتمادا على سهولة الإمكانات وقلة المصروفات، وسرعة الوصول إلى الأفراد والمجتمعات المحلية والعالمية.
بدخول جيل الأجهزة الذكية في عالم الاتصال والتواصل، ومن أهم مميزاتها نقل الصورة الثابتة والمتحركة أصبح العالم والإنسان في قلب الأحداث وعمقها، فهو يراها بشكل مباشر وسريع، يُؤرخ ويلتقط لحظاتها الخاصة والعامة في جميع المجالات والأحداث والظروف، ولا يكاد يكون حدث من غير تصوير أو توثيق، حتى أصحبت هذه الأجهزة الذكية ولقطاتها، وتوثيقها لأحداث الفرد نفسه، أو ما يجري في محيطه وبيئته وعالمه، عنصرا من عناصر التأثير في الرأي العام والقرار الشعبي والحكومي حول مختلف القضايا التي يعيشها الإنسان، والتي يمكن أن تختصر التعبير اللفظي وتُعطي الدليل القطعي حول الظاهرة أو الحدث أو المشكلة أو المطلوب. ساعدت بيئة برامج التواصل الاجتماعي في الأجهزة الذكية، وتعدد وسائطها وأنواعها في استيعاب الصورة الثابتة والمتحركة، ونقلها بشكل مباشر دون المرور عبر بوابة الرقيب الإعلامي أو الاستئذان منه، وجعلت من فضاء الحركة والتعبير فيها فضاء أقوى من السلطة الرابعة، وتعدى الأمر إلى أن الصحافة بدأت تأخذ كثيرا من مادتها وصورها وأخبارها، مما يتم التواصل به ويكون رافدا لعملها وتفاعلها ونقدها وتحليلها. كثير من الأحداث التي تم تصويرها في حياة وبيئة مجتمعاتنا، وبأيدي الناس أنفسهم من خلال حراكهم وتواجدهم في كل مكان وتوثيقهم أحداثا ومواقف خاطئة أو تُسيء إلى المجتمع في قِيمه وتقاليده وتعاليمه الإسلامية والوطنية، كان لها الأثر الإيجابي في نقل صورة السلوك والحدث الخاطئ للرأي العام والحكم عليه ونقده والاشمئزاز منه، وتكوين مطالب شعبية نحو الإجراءات النظامية حول عدم تكراره ومعاقبة القائمين عليه.
انتهى زمن السلطة الرابعة التي كانت تديرها سلطة التحرير، ومقص الرقيب والخوف منه، وانتقلت إلى السلطة الخامسة، وهي سُلطة فضاء الصورة الثابتة والمتحركة، والتي تُوثقها الأجهزة الذكية وتُرسلها إلى فضاء برامج التواصل الاجتماعي في لحظتها دون رقابة أو تحرير أو قيود، لها القدرة على النفاذ لكل مكان وأي وقت، لتنقل الأحداث دون استئذان أو خصوصية. منتجات السلطة الخامسة اليوم تُعتبر مادة إعلامية وتوثيقية وأحداثا مهمة جدا، تعتمد عليها مراكز الدراسات الإستراتيجية، وأيضا يتم قياس مدى الرضا من سلوكياتها والتفاعل حيال الأحداث ومجرياتها، وأيضا وسيلة مهمة للتعبير عن الرأي الشخصي والرأي العام، والتحليل والنقد، والاعتماد عليها في توجيه الادعاء العام حول انتهاكات حقوق الإنسان، وتقدير وشكر المواقف الرائعة وتكريم فاعليها، وأيضا تم استغلالها من قبل الاقتصاديين في التسويق والعرض والدعاية، ومن الأعداء في التخويف والتخريب وبث الشائعات والفتن.
فإذا كانت السلطة الرابعة هي سلطة النخب تقليديا، في زمن احتكار المعلومة والصورة والحدث وتحليله وفهمه، ومحاولة خلق رأي عام حوله، فالسلطة الخامسة اليوم سلطة الشعوب في حياتها البسيطة، في زمن فضاء الأجهزة الذكية وعدساتها المترصدة لنقل كل أخطاء واقعها واحتياجاتها وطموحها بجوانبه السلبية والإيجابية، من أجل سرعة الوصول إلى إيجاد حلول أكثر ملاءمة بطريقتها العفوية، وقد حققت كثيرا من الإنجازات والمطالبات بأنواعها كافة في الحياة العامة، وعبّر الناس عن آرائهم وامتعاضهم من الأخطاء أو من مطالبهم، ولكن الأهم ألا تتحول السلطة الخامسة إلى قوة تأثير عاطفي، وضعف تغيير واقعي نحو الأفضل أو استغلال خارجي نحو الصراعات والفتن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.