بسطاء نشطوا في العمل الإعلامي ونقلوا جرائم نظام بشار الأسد للعالم ، أدركوا أهمية المعركة الإعلامية لنقل صوت الثورة السورية بعد أحداث 82 في حماة التي ارتكب فيها النظام مجازر دفنت عن الرأي العام العالمي بسبب ضعف الإعلام آنذاك . النشطاء تحدثوا ل" الرياض " عبر تقنية " إسكايب "عن تجربتهم مع الإعلامي والتي بدأت بدون سابق إنذار يلازمها شح في بعض المفاهيم السياسية معتمدين على تقنيات بدائية في نقل الحدث وقت حدوثه للإعلام الخارجي ، فيما لم يسبق لهم خوض التجربة الإعلامية قبل الثورة بل كانوا أصحاب أعمال حرفية بسيطة ومنهم من كان أكاديميا بإحدى جامعة سوريا وترك العمل لينخرط في العمل الإعلامي ليدعم ثورة بلده . وفي هذا الشأن لم يكن يعلم الحرفي السوري فؤاد الديك 35 عاما الذي قضى جل عمره في حرفة تصنيع " البراريد " أن يكون ذات يوم أحد أبرز النشطاء الإعلاميين من داخل سوريا وتعتمد عليه وسائل إعلامية عالمية في نقل أحداث الثورة السورية التي تشهدها منذ أكثر من عام ، بل أصبح ناطقا إعلاميا من مدينة إدلب شمال غرب البلاد . الديك ذكر أنه نشط في العمل الإعلامي منذ بداية الثورة السورية وأشتهر باسم حركي عرف ب " فادي ياسين " كما أنه دخل في وقت سابق قائمة المطلوبين لدى نظام الأسد بعد أن أسس صفحته على الفيس بوك كما داهمت السلطات السورية منزله الذي تعرض للتدمير بشكل كامل من قبل الجيش السوري النظامي . د. أبو زيد: 30 % مما يُنشر في صحافتنا ينتجه مواطنون عاديون بإمكانيات بسيطة و وصف ثقافته السياسية بالقليلة ونمت نتيجة تطور الأحداث في حين كان يخشى الحديث حول السياسة حتى مع شقيقه لكونها حصريا على النظام . الديك يؤكد أنهم كنشطاء بالداخل أدركوا أهمية المعركة الإعلامية بعد أحداث 82 والتي ارتكب فيها النظام مجازر تضاهي مجازر الثورة الحالية ولم يتحدث عنها بسبب اختفاء الإعلام آنذاك وبداؤوا في نقل الأحداث الجارية بالصوت والصورة للإعلام الخارجي وكشفوا جرائم النظام الذي استهدف نحو عشرة مراكز إعلامية تابعة لهم منذ اندلاع الثورة. وتحدث عن إيصال رسالة الثورة السورية إلى العالم كأهم دور يقومون به كنشطاء من الداخل علاوة على ذلك إيقاظ الشعب السوري واطلاعه على فضائح ووحشية النظام بحق الإنسانية وتنويره من خلال عرض تلك الجرائم على الإعلام ، وزاد بأن ما كانوا يعانون منه في بداية الأمر تفرق المعارضة وحلموا بتوحيد صفوفها حتى يصلوا إلى إسقاط النظام . وفي شأن نيل ثقة وسائل الإعلام الخارجية أفاد بأنه كان بمثابة رهان لابد من كسبه أمام النشطاء الجدد من الإعلاميين بالداخل وتمكنوا من كسبه بعد أن قدموا أخباراً موثقة بالصوت والصورة من مقاطع فيديو للمظاهرات أو الاجتياحات أو الاستشهاد وتشييع جثمان الشهداء مما جعل وكالات عالمية تعتمد عليهم في بث أخبارها من داخل سوريا بعد الحصار الذي فرضه النظام السوري على الإعلاميين . العبدالله : عملنا مؤسساتي منظم ونحن المحرك الأساسي للثورة الديك ختم حديثه ل(الرياض) بقوله " إن تجربة الإعلام جديدة عليه وسوريا تعتبر متأخرة عن الدول العربية من حيث خدمة الانترنت الذي دخلها عام 98 م وظل انترنت بسيط خصوصا بالمناطق الريفية التي مازالت تعتمد على الانترنت الأرضي عبر الهواتف الثابتة ، ونعتمد في تواصلنا مع القنوات على أرقام دولية عبر الاتصالات الخلوية وبدعم من النشطاء السوريين بالخارج " . فيما علمت (الرياض) من مصادرها أن فؤاد الديك متزوج ولديه ثلاثة أطفال لم يرهم منذ 11 شهرا بسبب عمله كناشط الذي يحتم عليه كثرة التنقل حفاظا على نفسه من وحشية النظام . الديك يقول " بدون إملاءات رفعنا الشعارات لتأييد المجلس الوطني حتى لا تتشتت المعارضة وتصبح شخصيات التي تقودها عوضا عن شعب بأكمله إلا أن المجلس لم يقم بواجباته وقبولهم به مضطرين حتى تحقق أهداف الثورة والخلاص من نظام استبدادي " . الديك : دخلت ضمن قائمة المطلوبين لدى النظام السوري لأنني أسست صفحتي على « الفيس بوك » وفي ذات السياق ومن مدينة درعا شرقي سوريا تواصلت الرياض مع محمود السيد 36 عاما الذي كان يعمل محاسبا في وزارة الاقتصاد السورية قبل اندلاع الثورة إلا انه ترك العمل مع بدايتها ليمارس نشاطه كناشط سياسي وإعلامي ويتولى مهام نقل الأحداث التي ترتكب من النظام في درعا تحديدا . سرد في حديثه ل " الرياض " عن ما يعيشه الشعب السوري ما قبل الثورة منذ أربعين سنة من حالة القمع وتدني مستوى الثقافة السياسية و اختفاء التعددية الحزبية بيد ان شعب بلده عاش حياة اجتماعية بسيطة . التحول الذي حدث في المجتمع السوري أرجعه السيد لبداية الثورة التونسية التي لعب الإعلام دورا بارزا فيها مما جعلهم يدركون بأن الإعلام ليس السلطة الرابعة بل انه السلطة الأولى بالنسبة للأحداث السياسية والاجتماعية المطلوب بها التغيير التي يجب أن تكون بين أحضان الإعلام . فيما ذكر أنه شرع في العمل الإعلامي مع أول يوم من المظاهرة كمتحدث ينقل الواقع السوري عبر استضافات من الداخل تسعى لها القنوات الخارجية بالإضافة إلى إصدار تقارير يومية ورفعها على برنامج اليوتيوب بواسطة وسائل الإعلام المتاحة لديهم من أبرزها الكاميرات للتصوير والهواتف النقالة و الانترنت . تدني مستوى الثقافة السياسية لبعض المفاهيم بحسب ما أفاد به حالت في بادىء الأمر من تمكنهم كنشطاء من الإجابة عن بعض التساؤلات إلا أنه دخل مرحلة الطفولة السياسية مع الثورة ومكنه التواصل مع وسائل الإعلام من زيادة وتيرة وعيه بالمفاهيم السياسية وأصبح يعي معنى استبداد و استراتيجيات لإسقاط النظام بل أصبحوا كنشطاء يخترعون ظروفاً تعينهم على ارتفاع صوت المظاهرة و تأجيج الشارع متبوع بالتصعيد الإعلامي ، إلى جانب أن العمل الإعلامي أكسبهم احترافية في التصوير عبر الهواتف الخلوية باعتبارها الوسيلة الوحيدة للوصول للإعلام والتي يعتبرها طريقة بدائية . وأوضح أن النظام السوري حاول أن يقضي على وسائل الاتصال المتاحة لديهم بقطع الاتصال والانترنت كل يوم جمعة حيث الأحداث الساخنة مما جعلهم يلجأون في اتصالاتهم لخطوط دولية لبعض دول الجوار كما أوجدوا طرق بديلة عن طريق أجهزة الثريا الفضائية لتمرير جميع الأحداث التي تجري على الأراضي السورية . وكشف ل(الرياض) عن الإجراءات الاحترازية التي يلجأ لها مع فريق عمله لحماية أنفسهم من نظام الأسد التي تفاوتت بين البقاء في مكان مؤمن ولا يشاركون في المظاهرات " معتمدين في تلقي الخبر على شخصيات وصفهم بالثقاة" ، إلى جانب أن من يتم اعتقاله من هؤلاء الناشطين من قبل شبيحة الأسد يعملون على حذف الايميل الخاص به من حساباتهم على برنامج " الاسكايب " وينتقلون من مكانهم خشية أن يبوح للشحبية عن مواقع تواجدهم في حين يتعامل النظام مع النشطاء بالإعدام فور اعتقالهم . السيد : أدركنا بعد ثورة تونس أهمية الإعلام في إحداث التغيير السياسي والاجتماعي محمود السيد ساهم في تشكيل مجالس محلية أطلق عليها مجالس قيادة الثورة تنظم سير الثورة إلى جانب هيئات تنسيقية سورية تتولى مهام كتابة اليافطات بالشعارات التي يرغبون بها وتصوير المظاهرات ومنصبه الحالي عضو الهيئة العامة في درعا . وفي صدد وسائل الإعلام التي تواصل معها أشار إلى أنها بلغت نحو 20 محطة متنوعة بين صحف وإذاعة وتلفزيون قدموا لها خلال عملهم أخباراً متنوعة بين الاقتحامات و الاجتياحات والاعتقالات و أعداد الشهداء ونقاط التظاهر بالصوت والصورة . إلى ذلك تواصلت " الرياض " من مدينة حمص مع الناشط هادي العبدالله 26 عاما الذي استخدم في بداية حديثه ل(الرياض) جهاز تغيير الصوت في حين أنها خطوة مضطر لاتخاذها ليحافظ على نفسه وأهله من وحشية نظام بشار الأسد ولولاها لم يكن ظاهرا بكثافة على وسائل الإعلام الخارجية على حد تعبيره . وأبان العبدالله بأن اسمه حركي فيما كان قبل اندلاع الثورة يعمل في التدريس بإحدى الجامعات السورية إلا أن الأحداث الجارية جعلته يترك العمل وينخرط في توزيع المساعدات الإنسانية إلى جانب أنه كان عضو بالهلال الأحمر ومسعف ميداني . هادي العبدالله وذكر أن الضعف الإعلامي الواضح للثورة السورية إلى جانب قلة نقل المعلومة للناس في ظل وجود مأسٍ من اشتباكات وقتلى وجرحى علاوة على واجبه الإنساني الذي يحتم عليه التحدث عن ما يجري على الأراضي السورية جعلته ينتقل إلى العمل الإعلامي كأحد أهم وأبرز المتحدثين من داخل حمص . وفي شأن أهم وسائل الإعلام التي تواصل معها أفاد بأنه في بداية عمله كمتحدث باسم الهيئة العامة للثورة في حمص تعامل مع قنوات محلية ثم ارتقت إلى قنوات إخبارية عربية إلى أن وصلت لأبرز وسائل الإعلام العالمية منها وكالة الأنباء الفرنسية AFP والقناة الأمريكية CNN وهيئة الإذاعة البريطانية BBC إلى جانب وكالة الأخبار العالمية رويترز وقناتي الجزيرة والعربية بواقع 30 مداخلة يومية ينقل لهم من خلالها عدد الشهداء والجرحى وتشييع الشهداء وأساليب النظام في قمع الثوار إلى جانب التعليق السياسي تجاه مواقف المجتمع الدولي بما فيها العربي تجاه الثورة السورية . المواطن السوري نقل إلى العالم مظاهرات ودعوات الحرية وجرائم النظام وكشف ل(الرياض) انه أسس تجمع أحرار حمص الذي يضم نحو 14 تنسيقياً انضموا للهيئة كل عضو منهم مسؤول عن تنسيقية تتضمن مجموعة من النشطاء تتوزع عليهم المهام بحسب الاختصاص ، كما أن 24 ناشطا مختصا في تدوين أسماء الشهداء لكل نصف ساعة يعملون على مدار الساعة من ثلاث محافظات من بينهم عضو في الشبكة السورية لحقوق الإنسان المتخصصة بتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان . وشبه هادي العبدالله عملهم الإعلامي بالعمل المؤسساتي الدقيق والمنظم ، مما جعلهم حتى اللحظة لم يخطئوا في نقل خبر وهو الأمر الذي يحرصون عليه حتى لا يفقدوا مصداقيتهم لدى مؤسسات إعلامية ضخمة على حد قوله ، منوهاً بتأثيرهم الواضح في الحراك الشعبي الداخلي الذي قاد الثورة ضد النظام . في المقابل أكد عميد كلية الإعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا الدكتور فاروق أبو زيد أن تجربة النشطاء السوريين تقدم نموذجاً حيوياً وعملياً لكيف يمكن أن يشارك المواطن في العملية الإعلامية في ظل ظروف قاسية وقيود تحول وتمنع الإعلام التقليدي انه يتحرك ويقوم بدوره ويعمل بحرية ، منوها بأنها تجربة متماشية مع التطور التكنولوجي وستحقق شيء للعالم العربي . وأبان بأنها ستفرز عدد من الكوادر الإعلامية المتميزة وستكشف عن إبداعات وإمكانات هائلة للإعلامي السوري سواء صحفيين أو مذيعين أو تلفزيون على الرغم من أن فيها مآسي إلا أنها سينتج عنها طفرة كبيرة في الإعلام السوري . كما شدد الزيد على أن تجربة المواطن السوري والناشط في الأداء الإعلامي للتعبير عن ما يحدث في سوريا ونقله للرأي العام العالمي تجربة مهمة و احد الأسباب التي أدت إلى ما نسميه بالربيع العربي الذي نتج نتيجة المواطن العربي العادي انه يشارك برأيه فيما يحدث في بلده . وفي شأن مستوى الثقافة السياسية لهؤلاء النشطاء يروي الزيد أن الثورة ذاتها أفضل مدرسة تعلم وتطور الإعلام ومنحت الإعلام السوري أن يبتكر وسائل للهروب من القيود ووسائل جديدة للتعبير عن الثورة القائمة معتمد في الأخير على ثورة الاتصال و التكنولوجيا الحديثة التي مكنت المواطن العادي من أن يشارك برأيه ومنعت أي سلطة من أنها تمارس التعتيم الكامل الذي لجأ له النظام السياسي في سوريا ، وأضاف أن النشطاء استشعروا بأن الإعلام رسالة تبقى في خدمة الشعب وبالتالي لابد أن يلعبوا دورهم الذي لابد له من ثمن وتضحيات باعتبار أن الإعلاميين العرب لهم تاريخ طويل من النضال مع الأنظمة السلطوية والمتحكمة والدكتاتورية . وأبان إلى مسألة وصفها بالجوهرية التي تتمركز بأن في الإعلام التقليدي كان المواطن مجرد متلقي للمعلومة وغير مشارك ونتيجة للتطور التكنولوجيا والإعلام والاتصال أصبح المواطن نفسه يساعد في إنتاج العملية الإعلامية إما بطريق ردة الفعل أو بالفهم ، في حين أن 30 % من الذي ينشر في الصحافة ينتجه مواطنين عاديين بإمكانيات بسيطة كالهاتف النقال الذي يعد وسيلة من وسائل الإعلام .