في الحقيقة، إننا يجب أن نكون سعداء بالنتيجة، لسبب -يبدو- أنها تمت بنزاهة، وأن وزارة التعليم حرصت على الحصول على نتيجة صادقة مهما كانت، سواء تسرنا أم لا، وهذا أهم بالنسبة لنا كمراقبين وباحثين في إدارة الأداء لأسباب يطول شرحها. ما يهم الآن، هو أننا مؤخرا حصل لنا ما يسمى ب«صدمة Pisa shock»، ولمن لا يعرفها أرجو أن يعود إلى مقالي في 17 أغسطس هذا العام حولها، وربما علم خلاله أن ألمانيا -وهي من أهم الدول الصناعية في العالم- حصلت على نتيجة نسبيا تشبه نتيجتنا في بداية الألفية، مما أحدث لديها صدمة عظيمة أعادت بعدها ترتيب أولوياتها ورسم سياساتها، وأنقذت تعليم بلادها واقتصادها بالتالي، وها هي تعدّ اليوم من أهم الدول في نتيجة هذا الاختبار. على كل حال، أريد أن أقول نقطة مهمة تخص نتيجتنا في الاختبار، وتتعلق بمؤشرات 2020. أقول: إننا لو رجعنا إلى هذا المؤشر وما يخص الاختبارات الدولية في النسخة ما قبل التعديل، سنجد أن المؤشر أشار إلى أن النتيجة المستهدفة في 2020 هي 460، بينما نتيجتنا التي حصلنا عليها في 2019 هي 399. الفارق كبير جدا، وأعتقد أن أهم سبب لهذا الفارق هو أن من وضع هذه المؤشرات لم يقم بالإجراء العلمي الصحيح لبناء مؤشر واقعي، والذي يسبقه عادة ما نسميه the balanced scorecard. وأولها أن تقوم بعملية مراجعة للنتائج السابقة، منذ بدء مشاركاتنا في الاختبارات الدولية أي منذ 2003، ثم تراجع كل سياساتك والإجراءات الموجودة والمعمول بها: المناهج، وبيئة الفصول، وغيرها، في وقت بنائك للمؤشر، ثم توقعات القيادة العليا والمجتمع من عملك. أيضا، الوقت الذي تملكه وميزانيتك وإمكاناتك لإحداث فرق، وبناءً عليها تتوقع ما يمكن لهؤلاء الطلاب الحصول عليه في هذا الاختبار لتضع مؤشرا واقعيا، وهو قطعا لا يكون بهذا الفارق العجيب إلا إذا كانت وزارة التعليم تملك عصا سحرية، تنقل بها طلابا من نتائج أقل من المتوسط إلى نتائج دول متقدمة في 3 سنوات. ما حدث كان مبالغة شديدة وغير منطقية أخرجتنا. والخوف كل الخوف أن تكون هناك مؤشرات أخرى في موضوع غيره تشبه هذا المؤشر وقد تخرجنا هي الأخرى. التعليم يحتاج أن تكون صبورا وواقعيا ولا تستعجل النجاح، وقبل كل هذا تبدأ بالأولى.. بالإصلاح.