خالفت أسعار النفط، معظم الآراء الاقتصادية التي توقعت مع بداية العام، ارتفاعها في هذه الفترة، حيث شهدت الأسعار نزولا خلال الأيام الماضية وصلت بسعر البرميل إلى أقل من 96 دولارا، متأثرة بعدة عوامل تمثلت في استمرار الأزمة الأوروبية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي، وتراجع تقديرات أداء النمو في الصين، وهدوء التصريحات بشأن الملف النووي الإيراني. وخلال حديثهما ل"الوطن"، استبعد خبيرا نفط خليجيان، أن تتخذ "أوبك" خلال اجتماعها المقبل، أي قرارات بخفض الإنتاج، متوقعين أن تبقي المنظمة الإنتاج كما هو، وأن تظل حصص الدول على ما هي عليه، مشيرين إلى أن نزول أسعار النفط سيكون وقتيا خلال هذه الفترة، حيث من المتوقع أن يعاود الارتفاع مرة أخرى مع بداية الربع الرابع من العام. ويرى الخبير النفطي السعودي الدكتور راشد أبانمي، أن ما ذهبت إليه التوقعات مع بداية العام حول ارتفاع أسعار النفط، والتي جاءت بناء على عوامل عدة منها العقوبات على النفط الإيراني وتوقعات تعافي الاقتصاد العالمي، كان متوقعا بسبب التخوف من شح المعروض وما إلى ذلك، إلا أن سببا آخر طغى على ذلك، تمثل في استمرار تداعيات تدهور الاقتصاد العالمي بسبب أزمة 2008، حيث ما زالت تلقي بظلالها على أوروبا وأميركا ودول أخرى. وأضاف أبانمي: "أنه كان يتوقع تحسن وتعافي الاقتصاد العالمي، إلا أنه لم يتعاف، إذ أثرت الأوضاع الاقتصادية على أسعار البترول، حيث كان يتوقع معظم المحللين والاقتصاديين بأن يصل سعر البرميل إلى 150 دولارا، لا سيما بعد منع استيراد النفط الإيراني، إلا أن الاقتصاد العالمي لم يتعاف بالدرجة التي كانوا يتوقعونها"، مشيرا إلى أن المستويات السعرية الحالية بين 90 و110 دولارات، مستويات مناسبة للوضع الاقتصادي العالمي الحالي. من جهته أرجع خبير النفط الكويتي حجاج بوخضور، نزول أسعار النفط خلال الفترة الماضية على جملة من الأسباب، هي الفترة الفصلية الحالية من السنة والتي عادة ما تكون أقل تأثيرا على الأسعار من الفترات الفصلية الأخرى، مبينا أن ارتفاع الأسعار يصادف أوقاتا مثل فصل الشتاء وموسم الأعاصير بحسب حدة وظروف هذه الفترات. وأضاف: "عادة ما تكون فترة الربع الثاني من السنة قبل الدخول إلى الربع الثالث دافئة وهادئة سياسيا، ومن شأن الأسعار فيها أن تكون متراجعة ومنخفظة" وأشار بوخضور إلى عوامل أخرى أكثر تأثيرا في خفض أسعار النفط تتمثل في الأوضاع الاقتصادية التي يشهدها العالم خصوصا الأزمة الأوروبية، وتراجع التقديرات لأداء نمو الاقتصاد الصيني وإنتاجه الصناعي، مضيفا: "الأمر الذي بدوره كان سببا رئيسيا في تراجع أسعار النفط بشكل غير متوقع". وأضاف بوخضور: "كما أن للتغير السياسي في تحول النظام السياسي في فرنسا دور كبير في تغير أسعار النفط بسبب تغير السياسة الاقتصادية هناك، إضافة إلى أن المؤشرات الاقتصادية في أميركا تفيد بتراجع معدلات الوظائف وارتفاع البطالة والذي يشكل سببا مهما أيضا". كما لفت أبو خضور إلى عامل جيوسياسي وصفه بالمهم، وتمثل في هدوء الملف النووي الإيراني، حيث لم يشهد خلال الأيام الماضية أي تصعيد وتصريح، الأمر الذي أدى بدوره إلى تراجع الأسعار. وعن أسعار النفط خلال الفترة المقبلة، قال بوخضور إن مجمل التقديرات تفيد بأن هذا التراجع مؤقت، مضيفا: "كما يقال هدوء يسبق العاصفة، لأنه متوقع لأسعار النفط أن ترتفع في الربع الرابع من هذا العام". أما عن اجتماع أوبك المقبل، استبعد بوخضور أن تتخذ أوبك أي قرارات جديدة تخص مستويات الإنتاج، مرجعا ذلك إلى أن الأسعار ما زالت في مستويات قريبة من ال100 دولار، وهذا أمر طبيعي خصوصا في هذه الفترة من السنة. وهنا يتفق أبانمي مع ما قاله بوخضور، متوقعا أن يبقى إنتاج أوبك كما هو عليه.