ارتفع حجم استخدام السعوديين للقروض التمويلية الشخصية من البنوك في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، حيث قفزت القروض الاستهلاكية بنسبة 530% خلال العقد الماضي. وأوضح عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبدالحميد العمري ل"الوطن" أنه وفقا لبيانات مؤسسة النقد العربي السعودي قفز حجم القروض الاستهلاكية خلال الفترة 2001-2011 من 38.4 مليار ريال إلى أكثر من 242.2 مليار ريال، أي بنسبة نمو بلغت 530.1% خلال عقدٍ مضى. وأبان أن الدافع وراء الحصول على القروض الاستهلاكية يعود إلى انخفاض الدخل الحقيقي لأغلب الأفراد في مواجهة الارتفاعات المتتالية في تكاليف المعيشة، وتكلفة المساكن بصورة أكبر، في الوقت الذي لا يساير فيه نمو الدخل السنوي للفرد معدل نمو الأسعار "التضخم"، على اعتبار أن أغلب ما يستهلكه الفرد آت من الواردات التي تتدفق على الأسواق المحلية. ولفت إلى أنه وبحسب أحدث النشرات الإحصائية الصادرة عن مؤسسة النقد، فقد بلغت تلك القروض نحو 242.2 مليار ريال بنهاية 2011، توزعت إلى التمويل العقاري بنسبة 12.1%، والتمويل بهدف شراء السيارات والمعدات بنسبة 20.4%، وتمويل لأغراض أخرى بنسبة 67.5%، مبينا أن انخفاض الدخل والقدرة على الادخار قد يكون سببا مشتركا بين تلك الشرائح من المقترضين. وقدم العمري حلولا للمقترضين، مشيرا إلى أنه قد يكون الحل العملي في الوقت الراهن هو الاعتماد على التخطيط المالي للفرد، الذي يساعده في تنظيم نفقاته الاستهلاكية، وفي تكوين مدخرات له ولأسرته. وذكر أن هذا الحل قد يكون متاحا لمن دخله الشهري مرتفع، فيما قد يتعذر أو يصعب على من دخله دون 6000-8000 ريال شهريا، خاصةً مع ظروف ارتفاع تكاليف المعيشة، وتكاليف إيجار المسكن، إضافةً إلى المصاريف الطارئة أو الموسمية التي تربك ميزانية الأسر والأفراد بصورة مؤثرة، مبينا أن مثل هذه الأسباب وراء لجوء الفرد للاقتراض. وحول أكثر الفترات الزمنية التي يرتفع فيها طلب الأفراد على القروض قال العمري: "الكثير يعتقد أنها فترة الصيف ولكن وفقا لما أظهرته بيانات مؤسسة النقد فإن القروض الاستهلاكية مستمرة طوال العام". وأبان أنه خلال العقد الماضي تفاوتت الفترات الزمنية بلجوء الأفراد إلى الاقتراض من البنوك، حيث كانت الفترة التي تزامنت مع صعود السوق المالية (2003 - 2005) أكثر من غيرها من الفترات، إذ سجل عامي 2004 و2005 نموا سنويا في تلك القروض فاق 57.3% و56.8% على التوالي، وهما المعدلان الأعلى خلال الفترة 2002-2011. وأوضح أن الدافع لدى الأفراد في تلك الفترة كان الاستثمار والمضاربة في السوق المالية، مضيفا أن الهبوط الحاد في السوق الذي تلا تلك الفترة من أكثر الآثار السلبية التي ألحقت بميزانيات الأسر والأفراد أضرارا جسيمة، بعضها ما زال قائما حتى وقتنا الراهن. وقال العمري إن البدائل المتاحة لزيادة دخل الفرد قد تكون شحيحة في الوقت الراهن، لكن وفقا للتجارب فليس هناك أفضل من وضع برامج للتخطيط المالي للفرد، التي ستكون له مدخرات جيدة تمكنه من استثمارها في منتجات استثمارية منخفضة المخاطر تتمتع بميزات النمو في الأرباح والتوزيعات النقدية المنتظمة من الأرباح المتحققة. وأضاف أن هذا الخيار طويل الأجل لا يهتم به الكثير من الأفراد رغم أنه من أفضل الخيارات المالية والاستثمارية، وقد يكون السبب هو سيطرة الرؤى قصيرة الأجل على غيرها من الرؤى لدى الأغلبية. وأكد أن الفئة الأكثر اقتراضا وفقا لبعض الدراسات هي الرجال إذ إنهم أكثر من النساء في مجال القروض البنكية وغيرها من القروض الأخرى من خارج القطاع المالي، فيما عزا ذلك إلى زيادة مساهمة الرجل في سوق العمل مقارنة بالمرأة، ولكون الرجل لا يزال هو العائل الأول والأهم للأسرة.