يصل بعض الناس إلى التناغم مع الحياة بعد التقدم في العمر، ويتعلم البعض من أخطائه، ويحاول أن يكتسب فلسفته الخاصة بالحياة، وقد نتأمل في بعض البسطاء ونجدهم أقرب الناس إدراكاً لمعنى السعادة، ونحاول أن نتعلم في كل يوم إلى آخر أيامنا كيف نزداد سعادة، كما أن هناك دائماً مجتمعات سعيدة طموحة تنعكس تطلعاتها على مؤسسات الدولة ومستقبل الناس. هناك قيم كثيرة لهذا التناغم مثل التعرف على مطالبنا واحتياجاتنا، وماذا نريد وهل نستطيع أن نحقق ما نريد، فليس كل ما نريد سيحدث، وليس كل ما نريد هو فعلاً ما نحتاج. أما قيمة التسامح بكبرياء مع الآخرين والشعور بالعفو والصفح تجاه الأقارب أو الزملاء أو الأصدقاء دون التساهل، فقد تهبنا الشعور بالقوة، وهي التي تساعد على أن نكون مجتمعا أفضل. كما أن الابتسامة الصادقة للنفس تنعكس على الآخرين، وتجعل أيامنا سعيدة وهي تصريح بالتعاون، غير أن لحظاتنا ليست كلها فرحا ولا كل الابتسامات صادقة، فالشعور بالألم والغدر قد يساعدنا في التعلم والمواجهة والتكيف مع الإحباطات، فلا يجب علينا تجاهل الحزن الحقيقي، ويمكننا جعله ينمو ويستطيل حتى يذبل ويموت. إحدى القيم التي يتميز بها أهل الطموح الخلّاق، هي الاستمتاع بالتعلم سواء من كلام الناس أو تجاربنا وأخطائنا، أو عبر قراءة ما يجعلنا نتقدم كل يوم خطوة لأن العقل بطبيعته مصمم على اكتشاف كل شيء جديد، ولا يمكن أن يسيطر عليه الفراغ، ومهما بلغت خبراتنا ومعارفنا إلا أننا بحاجة لمتابعة التغيرات وتذكر ما نملك من خبرة ومعرفة. ليس هناك معنى لكل شيء، ولا يجب أن نضع معنى لكل الأشياء، وحتى الحقائق العنيدة ليست دائماً في صفنا، وهناك أشياء بسيطة قد تجعلنا أفضل، مثل الاستمتاع بمشاهدة حلقة من مسلسل كارتوني يذكرنا بالطفولة، أو الرغبة بالحوار المتواصل مع من نحب وجعلها مناسبة تستحق الاحتفال. كما أن ما نفكر به ينعكس حتماً على سلوكنا، فأفكارنا اليومية بما فيها من سلب أو إيجاب، هي التي ستؤثر حتمنا في سلوكنا وفي كلامنا مع الآخرين، وطبعاً في مصائرنا. لذلك ليس هناك أجمل من إحسان الظن بالنفس أولاً ثم بالآخرين، وتقديم الأفكار الحسنة واعتبارها هي الأصل، والبحث عن الأخبار والأحداث الجميلة، ومخالطة الناجحين والطامحين دون أن نشعر بالرغبة بالهرب، ودون أن نخشى رؤية الشرور، لأننا حتماً قد نكون النور الذي يبيد الظلام. دائماً هناك أمل، وحتى في غياب الأمل، فدائماً هناك طريقة للتناغم والشعور بالسعادة، ودائماً هناك أشياء نفعلها كأن نقرر الالتقاء بأصدقاء، أو نجرب التبرع لجمعية خيرية والتطوع لمساعدة الآخرين، أوالترفيه عن النفس في تجربة جديدة، دون أن نسعى لمثالية لا وجود لها، فنحن كما نحن ولن نتغير أمام الآخر، وقد نجد بأن شخصياتنا الحقيقية التي نحاول إخفاءها، أفضل من الوجوه التي نحاول صنعها أمام الآخر، وكل إنسان مهما كانت بساطته يظل مهماً بذاته ومتميزا بوجوده. لنتوقع الأفضل دائماً ولنبحث عن الفرص بأنفسنا، أو لنتخلص من الطموحات المتعبة، فالهدف ليس أن نغير العالم، ولكن أن نستمر في تغيير أنفسنا وأهلنا وأصدقائنا إلى الأفضل، لكي نصبح مجتمعاً أفضل.