من الأشياء التي يجب أن نفاخر بها في نهضتنا الأدبية أن كل كاتب من كتابنا طفق ينشر أفكاره بين القراء، كلٌ حسب مقدرته الكتابية، وقام يعبر عما يخالج نفسه، ويلابس حياته الفكرية من الخواطر وشتى الإحساسات. وهذه ظاهرة فكرية تستحق التقدير والإكبار لا سيما وقد برز واشتهر في عالم الأدب أناس لم نكن نعرفهم من قبل، ولم تكن لهم شهرة ذائعة، وإنما بدأت شهرتهم تتسع وتروّج على صفحات هذه الصحيفة الرشيقة بما تنشره لحضراتهم من نفثات أقلامهم وخلجات نفوسهم ودررهم الفكرية وملاحظاتهم القيمة. ولكن الذي يؤسف له حقا وننادي بعدم وقوعه بعد الآن هو ولوعهم بالأسماء المستعارة، وغرامهم بالاختفاء، وهذا شيء يحبذ من جهة كونه يدل على بغض الظهور والكراهية للعظمة الكاذبة، ولكن لم يتسن ذلك الوقت الذي يحفزهم هذا الدافع الشريف إلى مثل هذا العمل المجيد خصوصاً والشعب في حاجة ماسة إلى التعارف بأدبائه ومتنوريه وكتابه والاتصال بهم عن طريق معرفتهم والارتباط بأحوالهم، ولهذا الغرض وحده لا داعي إلى استعمال ألقاب ابن رشيق وابن واصل وابن جلا، واتخاذ الحروف الأولى دلالة على أسمائهم، إلا بعد أن تكون لهم شهرة واسعة يتفيؤون ظلالها، وبعد أن تتم واسطة التعارف بينهم وبين شعبهم، وتكمل أسباب الاتصال بين الأمة وأدبائها الأمجاد، سيكون الشعب على بينة من أمره ومعرفة من أدبائه، وتستحكم وسائل الارتباط بين الجزأين اللذين يدأبان على الرقي والتقدم. وهناك لا مانع من اتخاذ الأسماء الموضوعة دليلا على أسمائهم. وفي الختام اقترح على حضرات الكتاب والأدباء والشعراء أن يصرحوا بأسمائهم، ويظهروا بمظهر الجرأة والإقدام أمام العالم العربي، ويكون في هذا ما فيه من ذيوع الصيت وبعد الذكر في كل الأصقاع العربية كما اشتهر العقاد وشوقي وطه حسين في مصر والزهاوي والرصافي وروفائيل بطي في العراق، وبدوي الجبل وجميل مردم وشكيب أرسلان في الشام، وغيرهم من الكتاب الأبطال الذين كونوا لأنفسهم ذكرا خالدا، وصيتا ذائعا تلهج به الألسن وتصرخ به الصحف. وعسى أن نكون في انتظار تحقيق الأمل من حضراتهم. * صوت الحجاز ع 29 (الإثنين 23 جمادي الثاني 1351ه) ص6