عام 2003 صرح غازي القصيبي -رحمه الله- عندما كان وزيرا للكهرباء والمياه بأن انقطاع الكهرباء عن جازان لمدة يوم كامل شيء مخجل، وأن كونه رئيس مجلس إدارة شركة الكهرباء، لا يعطيه الحق بالتبرير، بل بتحمل المسؤولية، وبإجراء تحقيق عاجل في هذا الموضوع. في هذا العام صرح وزير الطاقة خالد الفالح عبر حسابه في تويتر «أعتذر شخصياً لكافة قاطني المناطق التي انقطعت عنها الكهرباء في جنوب المملكة الغالي علينا، نتيجة عُطل فنّي طارئ، وأؤكد لكم بأنني وزملائي في الوزارة نتابع الجهود الحثيثة لإعادة الخدمة، حيث تم تفعيل خطة الطوارئ لاتخاذ الإجراءات التي تُمكّن من مواجهة العوائق التي أدت إلى هذا الانقطاع». 16 سنة ما بين اعتذاري الوزيرين وما زالت المشكلة لم تحل حتى الآن، انقطاع الكهرباء عن منطقة بأكملها ولفترة طويلة لا يعني أن المشكلة للتو حدثت، الكهرباء في جازان تنقطع بشكل يومي، ما جعل الإعلام يسلط الضوء عليها هو انقطاعها بشكل كامل لفترة طويلة، بينما المعاناة الحقيقية هي في الانقطاعات المتكررة بشكل يومي في محافظاتها وقراها، هذه المعاناة التي حتى الآن لم يتم وضع حل جذري لها وإنهائها. لماذا يجب علينا أن ننتظر حتى يحدث انقطاع لمنطقة كاملة حتى نعلن حالة الطوارئ لمعالجة المشكلة، أي انقطاع عن أي حي أو قرية في أي مكان في هذا الوطن الغالي هو مشكلة كبيرة تستحق الاستنفار ومعالجتها جذريا، لن ننجح في حل مشكلة الكهرباء وبالذات في جازان ونحن نهمل الانقطاعات اليومية المتكررة بسبب سوء توزيع الأحمال ونقل الكهرباء عبر الأعمدة التقليدية التي تتأثر بعوامل الطقس المتغيرة بشكل يومي. في صيف عام 2011 عندما كنت أعمل في طوارئ الكهرباء بجازان، كنا بشكل يومي نعالج انقطاعات كهرباء متكررة بحي منفوحة، كانت الكيابل الأرضية تتعطل باستمرار بسبب زيادة الأحمال، قضينا ذلك الصيف نعمل يوميا على محاولة حل مشكلة انقطاع الكهرباء عن عمارة هنا وشارع هناك، نمدد الكيابل المؤقتة، ونوفر محطات التوليد المؤقتة، نحاول كشف أماكن أعطال الكيابل، أهالي الحي بعد أن عجزوا عن حل المشكلة بشكل جذري تقدموا بشكوى للإمارة وجاء توجيه بأن يتم حل هذه المشكلة وتحذير بعدم تكرارها في الصيف القادم، وعند دراسة سبب المشكلة الرئيسة وجدناه يتمثل بالسماح لملاك العمائر والمنازل في منفوحة ببناء وحدات سكنية إضافية، مما زاد الأحمال الكهربائية على الكيابل والمحولات وبالتالي تسبب في أعطالها المتكررة، ولذلك قامت الشركة بعد نهاية الصيف بعمل خطة لزيادة سعة الأحمال وغيرها من الإجراءات الفنية في الحي بالكامل وتم إنهاء المشكلة بشكل جذري، وعند قدوم الصيف التالي لم نجد أي انقطاع أو بلاغ. هذه التجربة الصغيرة التي عشت تفاصيلها مع زملائي في حي من أحياء الرياض نحتاج تطبيقها بشكل أكبر في جازان، نريد من وزارة الطاقة بعد نهاية ضغط الصيف أن تعلن عن الأسباب الرئيسة لمشكلة الانقطاعات الكهربائية في جازان، ووضع خطة لمعالجتها عند اعتدال الطقس في الشتاء، بضمان عدم تكرار انقطاعات الأعوام الماضية ابتداء من الصيف القادم. هذا هو الاعتذار الحقيقي الذي تنتظره جازان التي سئمت تكرار الأعذار دون أي حلول فعلية منذ عهد غازي القصيبي عام 2003 وحتى الآن.