برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي الذي نعتبره نموذجاً عالمياً لتطوير الموارد البشرية والعقول السعودية، قد وصفه وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ بأدق الوصوف (جامعة الابتعاث العالمية). والذي يجعلنا مسرورين أكثر، أن مثل هذه البرامج العالمية باقية وتتمدد عبر الأجيال، لأن البناء الثقافي والمعرفي والاجتماعي يمر عبر دوائر متراكمة، وقد يكون الابتعاث من أجل التعليم أهمها. لا يمكن لأي معرفة أن تبدأ دون تعليم وتعلم، ولو أشركنا الجوانب الإبداعية في التعليم، لكم أن تتخيلوا كيف ستصبح معرفتنا، وما يميز الابن البار لوزارة التعليم بأنه منفتح على التطوير والتحسين، ومروره بعدة مراحل للتطوير حتى أصبح برنامجاً فريداً في كل جوانبه، والدور الريادي الذي تقوده وزارة التعليم في برنامج الابتعاث ساهم بشكل كبير في تحسينه وتطويره. هناك عدة عناصر مؤثرة بشكل إيجابي في برنامج الابتعاث، وسأتحدث هنا عن أمرين يتلخصان في الملحقيات الثقافية والتأمين الطبي للمبتعثين، نعلم جيدا الدعم الكبير الذي توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين لهذا البرنامج تحديدا، ولم نعهد أو نسمع عن تكاسل وزارة التعليم في تلبية احتياجات كل مبتعث، لأنهم سفراء، ولكن التأمين الطبي للمبتعث لا يرتقي لقيمة هذا البرنامج الضخم، فمعظم دول الابتعاث يحصل فيها المبتعث على التأمين الطبي، ولكن شركة التأمين الطبي في معظم الحالات تجبر المبتعث على أن يدفع أولا من مكافأته ويبدأ بعد ذلك بمطالبات التعويض، وهذا ما يحدث واقعا، وفي هذا الأمر سلبيات كثيرة أولها: إشغال المبتعث بالمبالغ المادية التي يتوقع دفعها للعلاج، وثانيا: استنزاف وقته في متابعة التعويض مع الشركة المؤمنة، وثالثا: تأخر قيمة التعويض التي قد تتجاوز أكثر من أسبوعين، وهذا كله بالضرورة سيضع المبتعث في مأزق نفسي ومادي. وأما مبتعثو المملكة المتحدةبريطانيا فمعاناتهم أكبر، فلا يوجد لديهم تأمين طبي، ويدفعون قيمة العلاج من مكافأتهم، ويتواصلون مع الملحقية للتعويض أو يقومون بطلب ضمان طبي، وينتظرون موافقة العلاج، وهذا الأمر مفاجئ ومؤسف جدا، لأن المبتعث يحمل هما أعظم وأكبر هو إتمام دراسته، وصُرف عليه مبالغ طائلة لأجل ذلك، فمن غير المعقول ألا نجد حلا عاجلا لمسألة التأمين الطبي رغم ما نملكه من مقومات في هذا البرنامج. أما فيما يتعلق بالملحقيات الثقافية، لن أكتب كثيراً، فقط شاهدوا مواقعها الإلكترونية وكذلك تويتر، وستعرفون من يهتم كثيرا بالمبتعثين ويستشعر قيمة المسؤولية التي أوكل بها ومن ذهب للنقاهة، وسأكون متفائلا كثيرا بربط الملحقيات الثقافية بمعالي نائب الوزير للجامعات والابتكار مباشرة، لأنه بذلك سيزيد من حظوظ الدعم وإضفاء قيمة معنوية أكبر للملحقيات، كما آمل أن يُحسم ملف التأمين الطبي للمبتعثين. وأختم بما قاله الدكتور حمد آل الشيخ: هذه الجامعة أنشئت من أجل أن تبقى لتواكب المستقبل ومتغيراته وتبني الوطن ومقوماته.