المعلومة بنت الميداح فنانة المعارضة كما يسميها الموريتانيون فنانة بالفطرة وسياسية بالتجربة، ترعرعت في بيئة فنية تقليدية وفطرت السياسة وهي صغيرة، وأعجبت بحركة يسارية كان أخوها أحد أعضائها فترسخت لديها فكرة الدفاع عن الطبقات الفقيرة ونقل معاناتها لمن يهمهم الأمر عبر الغناء. فراحت توظف الكلمة والموسيقى ضد الاستبداد والاستيلاء على السلطة بالقوة العسكرية خصوصا وأن موريتانيا شهدت منذ استقلالها بداية ستينيات القرن الماضي خمس عشرة انقلابا. وقد عارضت المعلومة بنت الميداح بشدة انقلاب معاوية ولد الطايع العام 1984 واصطفت حينها إلى جانب المعارضة السياسية وهو ما عرضها لكثير من المضايقات والمنع، وعادت لتكرر التجربة العام 2008 فوقفت ضد انقلاب الجنرال محمد ولد عبد العزيز في أغسطس/ آب الماضي. لكن هذه المرة وهي نائبة برلمانية، فقد ساعدتها أغانيها الشعبية السياسية في استقطاب تعاطف الموريتانيين وكسب شعبية أوصلتها العام 2006 إلى قبة البرلمان. وتقول المعلومة بنت الميداح إن البرلمان شكل بالنسبة إليها منبرا لإيصال رسالتها السياسية، دون أن تتخلى عن الغناء حتى داخل البرلمان لتتمرد على التقليد السياسي. فلطالما استعاضت المعلومة عن السياسة بالأغاني، فرسالة الفن كما تعتقد الفنانة الموريتانية أزلية والخطاب السياسي عابر، والغناء قد يساعد حسب قولها في بلورة خطاب سياسي يتجاوز مداه قاعة البرلمان. وتعد المعلومة أول فنانة عربية تدخل قبة البرلمان دون أن تتخلى عن الفن، فالغناء متنفس الحرية بالنسبة إليها والسياسة تفريغ لسخطها على الطبقة الحاكمة، وكلما اشتدت الأزمات السياسية بين المعارضة والموالاة يصدح صوت المعلومة انتقادا ووعيدا. وقد نجحت المعلومة في نقل الموسيقى التقليدية الموريتانية إلى العالمية بعد أن اكتشفت التشابه بين المقامات الموريتانية الخماسية وموسيقى الجاز والبلوز فراحت تزاوج بين المحلي والعالمي. وتقول المعلومة إنها حين عملت على تحديث آلاتها الموسيقية اكتشفت بالصدفة مدى التشابه بين المقامات الموريتانية وألحان موسيقى البلوز الغربية، وهو ما ساعدها في عولمة الفن الموريتاني وأكسبها شهرة عالمية. وقد ثارت المعلومة ضد كل التقاليد السياسية والفنية الموريتانية ووصفها البعض بالمجنونة وهتف آخرون لما وصفوه بشجاعتها في محاربة الإستبداد والإستيلاء على السلطة بالقوة دون أن تستسلم لضغط السياسة وإغراءات المال حتى باتت رقما صعبا في معادلة استقطابها لجهة السلطة. ودفعت ثمن تمردها على ذوي النفود السياسي غاليا، فهي ممنوعة من الظهور على شاشة التلفزيون الموريتاني وعلى صفحات الجرائد الرسمية منذ سبعة عشر عاما، ولكسر الحظر المفروض عليها تتخد المعلومة من مقر حزب التكتل من أجل الديمقراطية الذي تنتمي إليه منبرا للتواصل المباشر مع جمهورها. ويقول المختار السالم الشاعر والناقد الموسيقي الموريتاني إن المعلومة خرجت عن المألوف وتحدت الموروث الموسيقي المحلي، وأدخلت السياسة إلى الموسيقى الموريتانية.