على خلاف معظم المطربات والمطربين العرب ظل اسم أم كلثوم مكتفياً بذاته فنادراً ما يسبقه لقب آخر مثل المطربة أو المصرية أو الراحلة وكأنها استغنت باسمها المستقر والمنفرد عن أي اسم أو لقب سابق أو لاحق بعد أن ظل هذا الاسم عبر نصف قرن يشكل جانباً كبيراً من الذوق الغنائي العربي. ويرصد كتاب جديد عن أم كلثوم كيف استطاع صوتها استيعاب كافة التيارات الشعرية والموسيقية وتطويعها الى طريقتها في الأداء أي أنها بمعنى ما كلثمت الكلمة واللحن معا ابتداء من ألحان أستاذها الرائد أبو العلا محمد مروراً بألحان معلمها محمد القصبجي والشيخ زكريا أحمد ورياض السنباطي وصولاً إلى ألحان الشباب مثل محمد الموجي وسيد مكاوي وإن برزت البصمة الشبابية بصورة أكثر وضوحاً مع أعمال بليغ حمدي. وفي عرض للكتاب جاء أن أحمد رامي يأتي في مقدمة الشعراء الذين كتبوا لأم كلثوم حيث غنت له أكثر من 150 عملا ويليه محمود بيرم التونسي بحوالي 40 عملاً. والكتاب الذي جمع مادته ايزيس فتح الله ومحمود كامل يقع في 482 صفحة كبيرة القطع وطرحت طبعته الثانية دار الشروق بالقاهرة بالتعاون مع مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي بمكتبة الاسكندرية ويعد الكتاب باكورة "موسوعة أعلام الموسيقا العربية". ويتضمن الكتاب باباً عن السيرة الذاتية والفنية لأم كلثوم وباباً تفصيلياً بأغانيها مرتبة ترتيباً هجائياً من الألف إلى الياء ويليه باب ثالث بأغانيها مع المؤلفين والملحنين ابتداء من الشيخ أبو العلا محمد حتى سيد مكاوي. ويكشف الكتاب التوثيقي عن ذكاء أم كلثوم في تنويع مصادر إبداعها إذ لم تكتف بالشعراء المصريين بل سعت لغناء قصائد من عيون التراث العربي اضافة الى قصائد لشعراء عرب كما حدث مع اللبناني جورج جرداق والسوداني الهادي آدم والباكستاني محمد اقبال الذي غنت قصيدته "حديث الروح". كما يكشف الكتاب عن ثلاث محاولات لأم كلثوم في مجال التلحين أولها عام 1928 حين غنت طقطوقة يقول مطلعها "على عيني الهجر ده مني.. ده كان غصب عني" وبعد محاولتين أخريين توقفت عن التلحين ولما سئلت أم كلثوم عن سبب توقفها عن التلحين أجابت أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله.