سعدنا جميعاً بإطلاق القناة الثقافية السعودية الجديدة لنصافح فيها «الثقافة» في اتجاهات الفضاء وسط أمنيات واعدة وأحلام متجددة نتطلع خلالها كمثقفين وكتاب وأدباء أن تلامس «الوجدان» المهني وأن تستشعر «العرفان» الوطني في إنتاج وتصدير المنتج الثقافي إلى كل أنحاء العالم إضافة إلى لهفتنا منذ زمن بتطهير أسماعنا من «غث» المواد الثقافية المكررة وإبعاد أبصارنا عن «تشوه «الحوارات الفضائية. سينطلق بث القناة في «سبتمبر» القادم وسط توقعات أن تلبس المواد المعروضة حللاً من «الإبداع» وأن تتجلل بظلال «الاحتراف» في ظل كساد فضائي يثير «البؤس» في القنوات الثقافية التي لا تزال تكرر نفسها وتملأ ساعاتها» الفارغة» بإعادة يومية تمثل اتجاهاً واضحاً لإفلاس في الإعداد وشحاً في التقديم. من أهم «إستراتيجيات» العمل الإعلامي والثقافي الاستعانة بأصحاب الخبرات والارتهان إلى رصيد «المعارف» فيما يتعلق بطواقم العمل ومن الأهمية أن يتولى مهام «التخطيط» أشخاص مؤهلون خارج «الاجتهادات» الخاصة أو «المحسوبيات» الذاتية مع ضرورة أن يكون أصحاب القرار في القناة حياديين مخلصين في العمل المكثف والجهد المضاعف ومنع أخطاء البدايات «الشنيعة» التي تكبح الخطوات الأولى في وقت لا يليق فيه التعثر بصرح يمثل «هوية» الوطن الثقافية. على القياديين في القناة أن يدرسوا الأسباب التي كانت وراء فشل قنوات سابقة أو رداءة مخرجات أخرى فمعرفة مكامن «الخلل» كفيلة بانطلاقة واعية وبخطوات واثقة وواثبة مع ضرورة الحرص على معرفة تطلعات كل «الشرائح» العمرية و»الأذواق» الوطنية.من المهم التركيز على» التوازن» في مساحات حصص البرامج لتشمل كل أرجاء الوطن حتى يرتبط المشاهدون «ذهنياً ونفسياً وذوقياً» مع إنتاج القناة ومن الضروري التعمق في مقدرات مناطق الوطن السخية بالتراث والثقافة والأدب حتى يصل صدى الإنتاج إلى كل «منزل» وأن يتعمق في كل «فؤاد». لدينا تجارب سابقة لقنوات استعانت بأشخاص من خارج «دوائر» المهنية قدموا إلى تلك المواقع على «جناح» الواسطة ودخلوا إلى المهنة من «بوابة «المحسوبية بعضهم بلا خبرات وآخرون بدون شهادات فرأينا «الشلل» تستوطن الإعلام الفضائي من أشخاص يعطون الولاء لمنصات بلدانهم وشاهدنا مواقع فضائية تحولت إلى ميادين لاحتواء المتردية والنطيحة من بلدان مجاورة وجهوا سهام الجحود بعد أن ملأوا جيوبهم من خيرات البلد لذا فلا مكان للخطأ ولا مجال للخلل فالوقائع المؤكدة في هذا الجانب تستوجب الحذر والحيطة والتوجس وتصفية تلك الفضائيات من الدخلاء على المهنة. من أهداف القناة التركيز على الجانب التقني ولكن الحذر من جلب المهرجين في برامج السناب والتيك توك ليقدموا برامج ثقافية لأن ذلك سيؤكد الفشل السريع والحذر من الاستعانة بمشاهير أو تافهين لنراهم على طاولات التقديم لأن ذلك سيحول القناة إلى مسارح للضحك والتفاهة وسيكون المثقفون أول من يوجه سهام النقد حفاظاً على صرح ثقافي لا يحتمل وجود الفارغين والسفهاء على طاولاته. جميل أن تنوع القناة من مستهدفاتها لتشمل شراء حقوق مسرحيات عالمية ونشر أفلام وثائقية ولكن أتمنى أن لا نرى الأغاني الدخيلة على مجتمعنا أو الرقصات الخارجية لأنها تعاكس تراثنا الأصيل أو الإسراف في برامج الأزياء والطبخ لأن انتشارها يسبب الملل والرتابة ويستنسخ تجارب قنوات سابقة لذا علينا أن نتجه نحو الابتكار والتجديد لا حيث التكرار والتكرير. من الجميل أن يكون موضوع سير ومذكرات الشخصيات السعودية البارزة وتوفير مكتبة أرشيفية للأعمال السعودية والحوارات النادرة من ضمن مستهدفات القناة ولكن الأمر يتطلب وجود «كفاءات» مؤهلة بالخبرات والمهارات مع ضرورة الارتهان إلى الصحف السعودية العريقة وعقد الاتفاقيات معها لأنها تمتلك مخزوناً مذهلاً لتحقيق النقاط السابقة بعيداً عن الاعتماد على محركات التقنية التي يشوبها الكثير من «الأخطاء» من البديهي أن للقناه توجهات استثمارية وأبعاداً تجارية ولكنها معنية بالثقافة لذا يجب تأسيس خطط الإعلانات بفكر احترافي حتى لا نرى برامج ثقافية تقطعها إعلانات الشامبوهات أو أدوات التجميل. نعلق أمنياتنا على «بوابات» الانتظار موجهين «بوصلة» أمنياتنا نحو «احترافية» واجبة و»مهنية» مستوجبة ومتلهفون لنقلة نوعية في البرامج المتطورة مع العلم والتأكيد واليقين أننا أمام محفل ثقافي بالمقام الأول ولا يرضى غرور الإعلامي المثقف والمتابع الحصيف والمشاهد المتذوق والمراقب المحايد إلا الاحتراف في المحتوى والمستوى والإنتاج والمنتج.. نقلا عن الجزيرة