أكد الأديب القاص محمد علي قدس على أن من مفرجات المؤتمر الثالث للأدباء السعوديين هو إعلان معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجه في افتتاح المؤتمر عن أربع قنوات وكان من ضمنها القناة الثقافية. ووصف هذه البادرة بقوله: كانت ثمرة جيدة وكنا نتطلع أن تأتي مثل هذه المفاجآت في أعقاب المؤتمر إلا أنها أتت في بدايته، والكل يعلم أن حلم كل مثقف أن تكون هناك قناة ثقافية متخصصة تنقل فعاليات المشهد الثقافي في بلادنا وتكون أيضا منبرا للمثقفين والمفكرين في حواراتهم، رغم أننا نقدّر كل الجهود التي تُبذل، خاصة أن القنوات الثقافية في عالمنا العربي ليست مُتابعة، أو ليس لها لديها عدد كبير من المشاهدين، لأنها لفئة متخصصة، ولكن حين تكون مدعومة من الدولة يصبح لها ضمان للاستمرارية، لتعكس صورة الثقافة في بلادنا وأهدافها وما نتطلع إليه من نهضة في كل مساراتها، سواء على مستوى الحوار الثقافي وحوار المثقفين. ويضيف قدس: أما بالنسبة للقنوات الأخرى ففي وجهة نظري أن القناة الاقتصادية يمكن لها أن تضاف إلى القناة الإخبارية لأنني لا أرى من داع إلى وجود قناة اقتصادية متخصصة ومنفصلة عن القناة الإخبارية خصوصا أن قناة الإخبارية لها وقت محدد وليست مستمرة على مدى ال 24 ساعة، ولكن طالما أنها ستنطلق اليوم فأمنياتنا لها ولبقية القنوات كل التوفيق والنجاح. زياد: أتمنى أن لا تبدأ ضعيفة الدكتور صالح زياد أستاذ النقد بجامعة الملك سعود أوضح بأنها بشارة خير، وأن القنوات الجديدة ستصنع ابتهاجاً غامراً في قطاعات المجتمع العريضة. وأوضح أن هذا الزمن الذي نعيشه يتسم بطفرة الاتصالات والمعلومات، وما البث الفضائي الذي تعددت معه خيارات المشاهدة والاستماع، سوى وجه من وجوه هذا الامتياز الذي اتسم به زماننا، فالبث التلفزيوني والإذاعي تقنية مهمة لصناعة الوعي وبث الثقافة ونشر المعلومات، إضافة إلى التسلية والإمتاع. وقال إن إنشاء هذه القنوات يعني -فيما يعني- الاهتمام بالإنسان إجمالاً، أي الاهتمام بالوعي والعقل والروح، وهو اهتمام يهدف إلى البناء وتوسيع دائرة التنمية وتعميقها وحفز خطواتها، لأن بناء الإنسان هو لب الوعي الحضاري، وهو العقبة التي تعترض التطور الحضاري في كل زمان ومكان، وبناء الإنسان يعني الاهتمام بوعيه وروحه وعقله، ويضاف إلى ذلك جانب الهوية والذاتية التي تصنع لهذا الإنسان كينونة انتماء. ويضيف الدكتور زياد: نحن الآن في عالم انفتحت فيه الحدود الثقافية وتواصلت الشعوب واللغات والثقافات ولم يعد بالإمكان أن تغلق على نفسك باب العزلة والخلوة، فالعالم يقتحم عليك خصوصياتك، لذلك عليك أن تتسلح بالقدرة على التفاعل مع العالم بطريقة إيجابية، لكن السؤال الذي ينبغي أن نهتم به ونحن في غمرة الابتهاج بهذه القنوات، هو كيف يمكن أن نستفيد منها إلى أبعد مدى، وكيف نضمن لها جمهوراً من المشاهدين الذين يقبلون عليها طوعاً واختياراً، فلا أحد يشاهد قناة تلفزيونية بالإكراه! وكيف نصنع لها جاذبية في النفوس؟ فأنا أتصور أن هذه الأسئلة هي المعضلة التي ينبغي أن نواجهها، وأن نستشعر ما تطرحه من تحدٍ علينا، وأكرر وأوقل أن صناعة الإعلام الفضائي اليوم صناعة متقدمة ومشروطة بالمدى الذي يتطلع إليه مشاهد يملك خيارات عديدة ومفتوحة، لهذا أتمنى ألا تبدأ هذه القنوات ضعيفة لأنه يصعب عندئذ أن تستمر. المحسني: الكرة في ملعب المثقفين الدكتور عبدالرحمن المحسني عضو النادي الأدبي أشار إلى أن هذه القنوات التلفزيونية الجديدة هي مكرمة كريمة، والقناة الثقافية بالذات خطوة مهمة جداً، وأرجو أن يقدّرها المثقفون الذين طالما طالبوا بإنشاء قناة ثقافية، وهي فرصة من جهة أخرى لأن تُخرج الأندية الأدبية من عزلتها الإعلامية التي طالما اشتكت منها، وهذا يعني أن الكرة الثقافية في ملعب المثقفين، هم من سيكون.. أولا يكون.. فهل يقبل المثقفون هذا التحدي!. وقال الدكتور المحسني: نجاح القناة من وجهة نظري يتوقف على مدى تفاعل الوسط الثقافي معها، وعلى مدى قدرتها على الوصول إلى كافة أطياف الطيف الثقافي، وتحريك الحوار بحيادية ووعي، فقليلة هي القنوات الثقافية العربية التي تنجح وتجذب الجماهير، ولذا فإني أعتقد أن القيادة الإدارية الواعية لتلك القناة تعد من أصعب الأمور، وهي العامل الأهم الدي يمكن أن يسهم في تفتيق الأمل المنتظر، وأتمنى أن تكون البداية لها واعية ومترنة ووفق خطط واضحة تعم كل المراكز النائية المستكنة بعمق ثقافي وصولا إلى كافة المناطق الثقافية. البريدي: فكرة “الكتاب المسموع” ويقول الأكاديمي الكاتب الدكتور عبدالله البريدي: التفكير الإستراتيجي يتطلب تحديد عوامل النجاح الحاكمة في الصناعة الإعلامية، وأعتقد أن من أهم عوامل النجاح بالنسبة للقناة الثقافية ضمان أكبر قدر ممكن من الحرية والشفافية، وهذا يتطلب إسناد المهمة لمسئول يؤمن فعلاً بالحرية، وبأنها الهواء الذي يتنفسه المثقفون، وهناك ثمة عامل نجاح آخر يرتبط بملاحقة الإصدارات الجديدة في عالم الثقافة، ويمكن أن يكون ذلك بقوالب مختلفة، كاستضافة المؤلفين واستعراض الكتب والمجلات بمختلف أشكالها، وأرى أن تتبنى القناة الثقافية فكرة “الكتاب المسموع” التي تقوم على تلخيص صوتي للكتب ويمكن إنزالها في موقع القناة وفي إصدارات سي دي، فهذا الأمر يمكن أن يحقق للقناة نوعاً من الريادة لوجود طلب كبير على مثل تلك الأعمال ويضيف: أما القناة الاقتصادية فأعتقد أنه بالإضافة إلى الحرية والشفافية، فهي تحتاج إلى فريق عمل استشاري على مستوى عال من التأهيل، يحدد المواضيع الأكثر إلحاحا في عالم الاقتصاد، وينجح في قولبة البرامج بطريقة تشد الجمهور من جهة، وتنمّي وعيه من جهة ثانية، كما آمل أن تركز القناة على تنمية السلوك الادخاري وتعزيز الوعي الاستثماري. وختم الدكتور البريدي حديثه متساءلاً عن سر إطلاق هذه القنوات دفعة واحدة، لأن ذلك يثير التساؤل حول درجة الاستعداد المهني ومستوى الاحترافية في تلك القنوات، لست أدري عن نوعية الاستعدادت التي سبقت عملية إطلاق تلك القنوات، ولكن الحكم سيكون على المنتج الفعلي وما تعكسه الشاشة الساحرة!.