▪️اثنان لا أستسيغ حديثهما عن العصامية ولا أُصدّقه، الأول (ابن تاجر) يتحدث عن كفاحه وبدايته من الصفر!.. و الثاني (ابن مدير) يتباهى بمواهبه الإدارية الفذّة التي أوصلته -دون غيره- لأن يكون مديراً على خطى أبيه!. قد يقول البعض إنه لا ضير من دعم التاجر لابنه، وهذا صحيح ، لكنني لا أعتقد أن أحدًا يمكن أن يبرر (دفدفة) مدير لأحد أبنائه أو أقاربه من أجل إيصاله -بشكل غير شرعي طبعاً- لموقع لا يستحقه، ظالمًاً بهذا الفعل، نفسه وقريبه والمنظمة، وقبل ذلك الوطن الذي ائتمنه. ▪️التوريث الإداري مصطلح لا يحتاج لمزيد من الشرح، فهو من أكبر مداخل الفساد في أي منظمة، و(المدير بالوراثة) هو ذلك الشخص الذي يتم تجهيزه على عجل، وبطريقة (سلق البيض)، لكي يكون امتداداً لأحد أقاربه، دون النظر لإمكانياته وقدراته الشخصية، بل وأحياناً العقلية.. هذه الثقافة اللصوصية أرهقت الإدارة العربية كثيرًاً وعطّلتها لعقود، فكثير من ديناصورات الإدارة في بلاد العرب لا يتركون كراسيهم قبل أن يتم (سلق) مدير من أقاربهم يضمن استمرار نفوذهم وسيطرتهم، حتى أصبحت بعض الإدارات والمنظمات عبارة عن (أطباق) من البيض المسلوق والفاسد بطبيعة الحال. ▪️ويمكن معرفة هذه النوعية، وأعني المدير (المسلوق) والهابط على الإدارة من براشوت الوراثة، من خلال السمات التالية: 1️⃣- متغطرس ومتعالي وينظر للجميع بفوقية رغم جهله وضعف إمكاناته. 2️⃣- لا يؤمن بالعمل الجماعي ولا بفريق العمل، بل يؤمن بدعم الشلة، وبأن (الشجرة اللي ما تظلل أهلها تستاهل القطع). 3️⃣- شغوف بالعلاقات أكثر من العمل والإنجاز. 4️⃣- خوفه الشديد من المنافسة، وحربه لكل من يعتقد أنه يُشكِّل خطرًاً عليه. 5️⃣- لا يهتم بالمرحلة الآنية، ومتطلع دوماً لما هو أكبر. ▪️التوريث الإداري توجّه عانى منه الفكر الإداري العربي كثيراً كما قلنا، ولأنه يرتبط بعدم الكفاءة، وإهدار الموارد، فإن خطره عظيم على الاقتصاد الوطني فضلًا عن إضراره بالمنافسة في سوق العمل، حيث يفتح أبواب الوظائف القيادية أمام أشخاص لا يمتلكون الكفاءة العلمية ولا العملية، ولا حتى الجدارة الأخلاقية لهذه المناصب، مما يُعرقل النمو الاقتصادي والمهني للمنظمة، ويُسمّم بيئة العمل التي تُصاب في الغالب بالجمود والاضطراب، مما يجعلها بحاجة لسنوات لتهدئتها وضبطها وإعادة الاتزان إليها. ▪️ظاهرة التوريث الإداري تمثّل تحديًا كبيرًا لكل المجتمعات الراغبة في تحقيق التنمية والتقدم. والحل يتطلب العمل الجاد على تطوير استراتيجيات أكثر فعالية ونزاهة لاختيار وتقييم الموظفين، وزيادة توظيف الأفراد الأكثر ملاءمة وكفاءة.. والأهم، المزيد من آليات الضبط والمراقبة، فالبيض الفاسد -كما يقولون- (يتدردب) على بعضه مرسل من الكاتب للوكاد