صناعة المستهلك (الشره) الذي يُفكِّر بغرائزهِ، ويمكن استغلاله بسهولة، هي أحد فنون عصر (الاستهلاك)، والتي تقوم على استراتيجيات مخادعة، تغالط العقل وتعتمد على مبدأي «متعة التسوق» بلا تفكير، و»التعطُّش للشراء» بلا تفكير أيضاً.. خصوصاً بعد التطور الكبير في وسائل التواصل التي كسرت كل الحواجز، ووصلت للمستهلك في عقر داره!. اللافت أنه على الرغم من أن (خدعة) التخفيضات؛ تُعدّ من أقدم الحيل الاستهلاكية وأكثرها شيوعاً، إلا أنها مازالت الأكثر استخداماً وفاعلية. والمفارقة أنه حتى مع ارتفاع الوعي الشرائي عند عموم المواطنين - خصوصاً بعد موجات الغلاء العالمي - ازدادت وتيرة الخداع عن طريق التخفيضات الوهمية، التي باتت تُداهمك في كل مكان تذهب إليه تقريباً!. لا تختلف خدعة (التخفيضات الوهمية) في استغلاليتها عن مثيلاتها من الأفكار التسويقية المخاتلة، فهي تعتمد على خلق (تنافس وهمي في فرص التملك)، وإيهام المستهلك أنه أمام فرصة يجب كسبها قبل الآخرين، حتى وإن لم يكن بحاجة آنية للمنتج!.. وتتعدَّد صور هذا الخداع بدءًا من تقليص حجم أو سِعة المنتج، وصولاً لتخفيض الكمية، مع الحفاظ على الشكل الخارجي، مروراً برفع السعر لفترة بسيطة، ثم العودة للسعر القديم، إلى آخر هذه الألاعيب التي تنشط للأسف في المناسبات الوطنية والدينية، لدفع الناس نحو شراء خدمات ومنتجات لا يحتاجونها. وعلى الرغم من أهمية صناعة (الوعي) الاستهلاكي الرشيد، وتنبيه المستهلك لخطورة (جزرة) التخفيضات وغيرها من أدوات الاستغلال التجاري، إلّا أن مواجهة هذه الحِيل يجب أن تأخذ أبعاداً أكبر وأكثر قوة وصرامة من قِبَل الجهات المعنية، خصوصاً بعد دخول كثير من مشاهير (السوشيال ميديا) في اللعبة، كداعمين للخديعة من خلال التغرير، ورسم صورة ذهنية غير صحيحة ل «المستهلك السعيد» الذي يُصوّرونه للناس كشخصية عصرية تعيش حياة باذخة ومثالية يجب الاقتداء بها!. الخداع مؤلم وكريه أينما وجد، لكنه يصبح أكثر ألماً وكراهية، عندما يضرب المستهلك البسيط في حوائجه الأساسية، ومع تزايد وتنوع أساليب الإيهام أصبحت أسواقنا بحاجة للمزيد من الضبط والرقابة الذكية، لذلك أتمنى على وزارة التجارة إتاحة الفرصة للشباب الباحثين عن عمل - بالعمل الجزئي أو بنظام المكافأة، أو حتى بالتطوع - كمراقبين للأسواق، خصوصًا وأننا مقبلون على شهرٍ كريم، تزداد فيه فخاخ التخفيضات الوهمية تلوّناً وشراسة. نقلا عن المدينة