أكبر خطأ ترتكبه الإدارة الأمريكية حين تفرِّط بأصدقائها وحلفائها التاريخيين، وحين تنساق وراء نظرة ضيقة لا ترى إلا ما يلبي مصالحها السياسية دون النظر إلى مصالح حلفائها من الدول، بل إن الخطأ الأكبر -غير المبرر- حين تقود ذلك قوى أمريكية فاعلة ومؤثرة من منطلقات حزبية وانتخابية، بتوظيف علاقة أمريكا بغيرها من الدول بما يخدم هذا الحزب ضد الحزب الآخر في الانتخابات. ** فمنذ مجيء أوباما إلى البيت الأبيض رئيساً من الحزب الديمقراطي، وهو يحاول أن يعيد النظر في طبيعة علاقة التحالف الإستراتيجي بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والمملكة العربية السعودية، لكنه في ولايتيه، وعلى مدى ثماني سنوات عجز أن يفكك هذه العلاقة، لأن لأمريكا مصالحها في علاقة متوازنة مع دولة كبرى في المنطقة كالمملكة العربية السعودية، ولأن التفريط بها يمثل خسارة جسيمة لأمريكا قبل أن تكون خسارة للمملكة. أكبر خطأ ترتكبه الإدارة الأمريكية حين تفرِّط بأصدقائها وحلفائها التاريخيين، وحين تنساق وراء نظرة ضيقة لا ترى إلا ما يلبي مصالحها السياسية دون النظر إلى مصالح حلفائها من الدول، بل إن الخطأ الأكبر -غير المبرر- حين تقود ذلك قوى أمريكية فاعلة ومؤثرة من منطلقات حزبية وانتخابية، بتوظيف علاقة أمريكا بغيرها من الدول بما يخدم هذا الحزب ضد الحزب الآخر في الانتخابات. ** فمنذ مجيء أوباما إلى البيت الأبيض رئيساً من الحزب الديمقراطي، وهو يحاول أن يعيد النظر في طبيعة علاقة التحالف الإستراتيجي بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والمملكة العربية السعودية، لكنه في ولايتيه، وعلى مدى ثماني سنوات عجز أن يفكك هذه العلاقة، لأن لأمريكا مصالحها في علاقة متوازنة مع دولة كبرى في المنطقة كالمملكة العربية السعودية، ولأن التفريط بها يمثل خسارة جسيمة لأمريكا قبل أن تكون خسارة للمملكة. ** غير أن الحزب الديمقراطي لم يتراجع عن موقفه من صلابة الموقف السعودي واستقلالية قراره، فواصل الرئيس بايدن وهو من الحزب الديمقراطي، وكان نائباً للرئيس أوباما في فترتين سياسة سلفه، بل وأصبح أكثر وضوحاً في ترجمة السياسة الأوبامية بأسلوب يتعارض وسياسة المملكة وحقها في أخذ القرارات التي تلبي مصالحها، كدولة مستقلة، ولقيادتها في ذلك نظرتها الموضوعية في أخذ المسارات التي تنسجم وما يعزز مصالح الشعب السعودي دون الإضرار بغيرها. ** وكما أن للولايات المتحدةالأمريكية الحق في أن تكون لها علاقات من نوع مختلف مع المملكة العربية السعودية كما يرى ويفكر الرئيس بايدن، فإن للمملكة هي الأخرى الحق في ذلك وفق ما يراه الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، كما أن تفكير واشنطن لإعادة تموضع هذه العلاقة وإعادة تقييمها بين البلدين يعطي للرياض الحق نفسه، وبالقدر نفسه، وعلى قدم المساواة، فالعلاقات الثنائية تقوم على المصالح المشتركة، ومتى نظر إليها طرف من زاوية مصالحه فقط دون مصالح الآخر ضعفت هذه العلاقة، وتعذر استمرارها بقوة. ** وما حدث خلال الأيام الماضية من لجوء تحالف دول (أوبك بلس) بتخفيض إنتاجها من النفط بمقدار مليوني برميل يومياً كان قراراً جماعياً ولم يكن قرار المملكة فقط، والقرار كما فسَّره بيان (أوبك بلس)، وعلَّق عليه وزير الطاقة سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان، هو قرار مهم لمواصلة القيام بالالتزامات المطلوبة لتحسين واستقرار الاقتصاد العالمي، وضرورة التصرف المسبق لمواجهة حالة عدم اليقين غير المسبوقة، وأنه علينا - والقول لسموه - أن نتوخى الحذر، وأن نبقى صادقين حيال قدراتنا على توقع المستقبل. ** أمريكا لم تنظر إلى قرار تحالف (أوبك بلس) نظرة اقتصادية، وعلاقته بحماية سوق النفط من الانهيار، وبالتالي الإضرار بالدول المنتجة والمستهلكة لو بقي سقف الإنتاج على ما هو عليه، وإنما وظَّفت القرار سياسياً، وربطه بالحرب الروسية- الأوكرانية، واستخدمه الرئيس الأمريكي للتأثير على العلاقة مع المملكة، ومن أن القرار كما لو كان قرار المملكة، وأن الهدف منه دعم روسيا في حربها مع أوكرانيا، ما جعل المتحدثة باسم البيت الأبيض تسارع إلى القول إن القرار يقوِّي أهداف روسيا في هذه الحرب، وضد الشعب الأمريكي، وبالتالي فإن واشنطن ستتشاور مع أصدقائها وأعضاء الكونجرس لاتخاذ قرار ستكون نتيجته عملية ومختلفة في العلاقة مع المملكة بعد القرار الذي اتخذته (أوبك بلس). ** قرار (أوبك بلس) يمثل برأي البيت الأبيض اصطفافاً سعودياً مع روسيا، وأنها تضع سياستها للطاقة في خدمة روسيا، لاحظوا أن القرار ل(أوبك بلس) وليس قرار السعودية، لكن الرئيس بايدن لا يرى غير المملكة خصماً عنيداً، مع أن الرياض لم يكن لها أي موقف داعم لروسيا في الحرب في أي صورة من الصور، وما تحدثت به الناطقة باسم البيت الأبيض لا يعدو أن يكون تخرضات لكسب أصوات الناخبين، ومحاولة للهروب من الواقع، دون النظر إلى عمق العلاقات التاريخية بين بلدينا، واحترام السعودية لها، والتزامها بكل ما يعزّز استمراريتها، بعيداً عن الحسابات الداخلية الضيقة للرئيس الأمريكي وحزبه للانتخابات. ** وبالتأكيد المؤكد، ومما لا جدال فيه أن المملكة لا تسيس النفط، وأن المملكة وفقاً لتصريح وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء عادل الجبير ملتزمة للغاية بصناعة الاستقرار في أسواق النفط لصالح المستهلكين والمنتجين، وإذا كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية مع سياسة إغراق السوق بأكثر من حاجته من النفط للإضرار بروسيا، فهي قادرة على ذلك بزيادة إنتاجها، ولا حاجة لها بالضغط على دول (أوبك بلس)، وتحديداً المملكة العربية السعودية لتقوم بذلك نيابة عنها، مع ما فيه من أضرار تمس اقتصاديات العالم، وتضر بالمستهلكين والمنتجين. ** ولابد من التذكير بأن الإيرادات من الضرائب على النفط لصالح دول G7 تفوق إيرادات (أوبك بلس) بأعلى من سعر بيع البرميل 240 %، بمعنى أن مجموعة الدول السبع الصناعية حصلت من الضرائب على النفط ما يفوق إيرادات الدول المصدرة منه، ففي عام 2020 بلغت قيمة الضرائب 346.5 مليار دولار، بينما لم تتجاوز فيه الصادرات 321.1 مليار دولار، وهذا يظهر إلى أي مدى تلتزم الدول المنتجة بأسعار لبرميل النفط لا تضر بالمستهلكين أو المنتجين، بينما تمارس الدول السبع الجشع على حساب المستهلكين، ثم ترمي بالمسؤولية دون حق على دول تحالف (أوبك بلس) كلما لجأت إلى الحد من إغراق السوق للمحافظة على سعر معقول للبرميل ينعش الاقتصاد العالمي ولا يلحق الضرر بأي أحد. ** ومثلما قال وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، فإن العلاقات بين المملكة وأمريكا هي علاقات إستراتيجية، وداعمة لأمن واستقرار المنطقة، وأن التعاون العسكري بين الدولتين هو لمصلحتهما معاً، ومن جانبي أضيف إليه بأن أي تصرف متسرع يؤثر سلباً على هذه العلاقة لن يكون لصالح أي من الدولتين، أو أي دولة في العالم، وتحديداً في منطقتنا، فالحذر الحذر من ارتكاب أي خطأ يسيء إلى هذه العلاقة التاريخية. نقلا عن الجزيرة رئيس تحرير الجزيرة