نائب أمير الرياض يؤدي الصلاة على والدة مضاوي بنت تركي    «أرامكو»: 82.7 دولار متوسط سعر البرميل في 9 أشهر    السعودية تتقدم عالمياً في تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي    التعاون يواجه ألتين للتمسك بالصدارة في «آسيا 2»    الجبلين يتغلّب على نيوم بهدف في دوري يلو    الاتفاق يتغلب على القادسية الكويتي في دوري أبطال الخليج    «التعليم»: تدريس اللغة الصينية بما يعادل مدة الابتعاث    تنفيذ حكم القتل تعزيراً في أحد الجناة بمنطقة المدينة المنورة    آل الشيخ في مؤتمر «cop29»: تنوع الثقافات واحترام خصوصية كل ثقافة.. مطلب للتعايش بين الشعوب    «الحسكي».. مكونات سياحية بمحمية الإمام تركي بن عبدالله    مشروع رؤية 2030.. أول الغيث    9146 ريالا زيادة سنوية بنصيب الفرد من الناتج المحلي    سان جرمان وبايرن يسعيان للعودة إلى سكة الانتصارات    بيولي: النصر يستهدف اللقب الآسيوي    الفحوصات الطبية تحدد موقف لودي من لقاء الاتفاق    مجلس الوزراء يقر إطار ومبادئ الاستثمار الخارجي المباشر    عن العرب الإسرائيليين    الحوادث المرورية.. لحظات بين السلامة والندم    الزائر الأبيض    ازدهار متجدد    تبكي الأطلال صارن خارباتي    سلام مزيف    فلسفة الألم (2)    الممارسون الصحيون يعلنون والرقيب لا يردع    د. الذيابي يصدر مرجعًا علميًا لأمراض «الهضمي»    انقطاع نفس النائم يُزيد الخرف    أمير الشرقية يستعرض استراتيجية محمية الملك عبدالعزيز    القيادة تهنئ رئيسة مولدوفا    المنتخب السعودي .. وواقعية رينارد    فالنسيا تعلن فقدان أثر 89 شخصاً بعد الفيضانات في إسبانيا    Apple تدخل سوق النظارات الذكية لمنافسة Meta    أول قمر صناعي خشبي ينطلق للفضاء    إلزام TikTok بحماية القاصرين    محمية الغراميل    اتفاقية بين السعودية وقطر لتجنب الازدواج الضريبي.. مجلس الوزراء: الموافقة على الإطار العام والمبادئ التوجيهية للاستثمار الخارجي المباشر    ثري مزيف يغرق خطيبته في الديون    الألم توأم الإبداع (سحَر الهاجري)..مثالاً    أداة لنقل الملفات بين أندرويد وآيفون    الاحتلال يواصل قصف المستشفيات شمال قطاع غزة    دشنها رئيس هيئة الترفيه في الرياض.. استديوهات جديدة لتعزيز صناعة الإنتاج السينمائي    يا كفيف العين    اللغز    خبراء يؤيدون دراسة الطب باللغة العربية    رأس اجتماع مجلس الإدارة.. وزير الإعلام يشيد بإنجازات "هيئة الإذاعة والتلفزيون"    عبدالوهاب المسيري 17    X تسمح للمحظورين بمشاهدة منشوراتك    معرض سيتي سكيب العالمي ينطلق الاثنين المقبل    همسات في آذان بعض الأزواج    15 شركة وطنية تشارك بمعرض الصين الدولي للاستيراد    الصناعة: فوز11 شركة برخص الكشف بمواقع تعدينية    وقعا مذكرة تفاهم للتعاون في المجال العسكري.. وزير الدفاع ونظيره العراقي يبحثان تعزيز العلاقات الدفاعية وأمن المنطقة    تأثيرات ومخاطر التدخين على الرؤية    التعافي من أضرار التدخين يستغرق 20 عاماً    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل المصري    أبرز 50 موقعًا أثريًا وتاريخيًا بخريطة "إنها طيبة"    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الأميرة مضاوي بنت تركي بن سعود الكبير    كلمات تُعيد الروح    الأمير تركي بن طلال يستقبل أمير منطقة الجوف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تشكَّلت الهوية الوطنية
نشر في الوكاد يوم 14 - 09 - 2022

حين نشر بنديكت أندرسون كتابه المسمى «مجتمعات متخيلة Imagined Communities» أثار موجاً من الأسئلة، التي تراوحت بين السخرية والتعبير عن الإعجاب والدهشة. ومنذ طبعته الأولى في 1983 واصل الكتاب انتشاره، وترجم إلى لغات عديدة، بينها العربية، وتحول إلى واحد من أبرز المراجع المتعلقة بالقومية وفكرة الأمة.
أعانني هذا الكتاب على فهم نقاط غامضة في بحث الدولة القومية وبناء الأمة. كما أجاب عن بعض الأسئلة المحيرة. أذكر مثلاً سؤال المفكر المعروف د. محمد الرميحي عن سر تفاقم التعصب القبلي والديني، رغم انتشار التعليم في مجتمعات الخليج. بينما كانت دراسات التنمية في المجتمعات التقليدية، تتوقع تراجع الهويات الفرعية، كلما تحسن مستوى المعيشة وانتشر التعليم والإعلام. وقد سمعت هذا السؤال نفسه من باحث أميركي، بعدما لاحظ انتشار مواقع الإنترنت والمنتديات الإلكترونية الخاصة بالقبائل، في أوائل القرن الجديد.
مسألة التعصب والتسامح لم تكن موضع اهتمام أندرسون. فالهدف المحوري لنظريته هو تفسير ظهور الآيديولوجيا القومية. إلا أن ملاحظاته العميقة ألقت ضوءا كاشفاً على العديد من الأسئلة المتصلة بالموضوع، مثل دور الثقافة المكتوبة في توحيد الصورة الذهنية لتاريخ المجتمع (التاريخ الواقعي أو المتخيل).
قدم أندرسون تفسيراً معقولاً لظهور الهوية الوطنية في الدول الجديدة، ومبررات تمايزها عن الشعوب/ الدول التي تشاركها في الثقافة أو التاريخ. أسئلة كهذه تعين على فهم المجتمعات العربية في الشرق الأوسط، التي كانت ضمن الإمبراطورية العثمانية، ثم استقلت وبات كل منها أمة منفردة أو شعباً قائماً بذاته.
يعتقد أندرسون أن المجتمعات الحديثة قررت، في وقت ما، أن تتحول إلى أمم. في الماضي كان الرابط بين الناس هو الدين أو اللغة أو الجغرافيا. أما اليوم فإنَّ الرابط الواقعي الوحيد، هو اسم الدولة والحدود الإقليمية التي يعترف بها العالم. ربما ينتمي هؤلاء الذين داخل الحدود إلى دين واحد أو أديان متعددة، ربما يتحدَّثون لغة واحدة أو لغات مختلفة. ما هو مهم هو رغبتهم في تكوين جماعة سياسية وقانونية واحدة، أي ما نسميه اليوم بالشعب أو الأمة. في بعض الأحيان تبدأ العملية باتفاق بين غالبية الناس، وفي أحيان أخرى تبدأ بقرار من النخبة الحاكمة.
الهوية الوطنية ليست موجوداً أزلياً، بل كائن يصنعه أصحابه من خلال تطوير فهم مشترك للذات والتاريخ. هذا الشرح يجيب إذن عن سؤال: حين نقول إننا شعب أو أمة... فما الذي جعل هذا الجمع من الناس شعبا أو أمة واحدة. بعبارة أخرى: كيف تصنع الأمة نفسها، كيف تربط بين آلاف الناس الذين لا يعرفون بعضهم ولا يربطهم نسب واحد، فتحولهم إلى شعب واحد أو أمة واحدة؟
وفقاً لأندرسون فإنَّ كل أمة تصنع «أسطورة تاريخية» أي لقطات منتقاة من التاريخ، تعزز الاعتقاد بأننا «كنا دائماً على هذا النحو، متفقين ومنتصرين». وهنا يأتي دور الثقافة الموحدة (التي تلقن لتلاميذ المدارس مثلاً) والتي يجري إنتاجها على ضوء تلك الفرضية، ثم تنشر عبر البلاد، كي تؤسس فهماً مشتركاً للذات والمستقبل، إضافة إلى الموقف من المجتمعات الأخرى الواقعة خارج الحدود.
من النقاط التي أثارت اهتماماً كبيراً، قول أندرسون بأن ظهور الطباعة التجارية قد ساهم في «صناعة» فهم مشترك وذهنية متقاربة، كما وحد لغة التعبير عن الذات المشتركة، أي أوجد شيئاً يشبه ما نسميه اليوم «لغة الخطاب الرسمي».
هذا يشير إلى أهمية وجود جهة تخطط وتعمل لبناء هوية وطنية مشتركة، فإن لم توجد فسوف تتولى القبائل والجماعات الدينية صناعة هوياتها الخاصة. أظن أن شيئاً من التأمل في آراء بنديكت أندرسون، سيوضح أننا كنا نسير في الطريق الذي وصفه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.