ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان    شركة المياه في ردها على «عكاظ»: تنفيذ المشاريع بناء على خطط إستراتيجية وزمنية    وزير الداخلية يناقش التعاون الأمني مع النائب الأول لرئيس وزراء الكويت    الجيلي يحتفي بقدوم محمد    جسر النعمان في خميس مشيط بلا وسائل سلامة    إعداد خريجي الثانوية للمرحلة الجامعية    "فُلك البحرية " تبني 5600 حاوية بحرية مزود بتقنية GPS    قطار الرياض.. قصة نجاح لا تزال تُروى    تعاون بين الصناعة وجامعة طيبة لتأسيس مصانع    5.5% تناقص عدد المسجلين بنظام الخدمة المدنية    فريق علمي لدراسة مشكلة البسر بالتمور    إبراهيم الفريح أميناً عاماً لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    غارات الاحتلال تقتل وتصيب العشرات بقطاع غزة    آبل تطور جرس باب بتقنية تعرف الوجه    هجوم ألمانيا.. مشهد بشع وسقوط أبشع!    استراتيجية الردع الوقائي    قنابل حرية التعبير    مركز الملك سلمان ينظّم «منتدى الرياض الدولي الإنساني»    26 مستوطنة إسرائيلية جديدة في عام 2024    قدرات عالية وخدمات إنسانية ناصعة.. "الداخلية".. أمن وارف وأعلى مؤشر ثقة    محمد بن سلمان... القائد الملهم    في الجولة الثانية من خليجي 26.. منتخب قطر يواجه عمان.. والكويت تلاقي الإمارات    عثرة البحرين    برامج رياضية وشعبية تدمر المجتمع !    احترم تاريخ الأخضر يا رينارد    العقيدي: فقدنا التركيز أمام البحرين    "الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    استدامة الحياة الفطرية    وتقاعدت قائدة التعليم في أملج.. نوال سنيور    «بعثرة النفايات» تهدد طفلة بريطانية بالسجن    رشا مسعود.. طموح وصل القمة    تنمية مهارات الكتابه الابداعية لدى الطلاب    منصة لاستكشاف الرؤى الإبداعية.. «فنون العلا».. إبداعات محلية وعالمية    محافظ جدة يطلع على برامج "قمم الشبابية"    تشريعات وغرامات حمايةً وانتصاراً للغة العربية    «مجمع الملك سلمان العالمي» يستقبل الدفعة الثانية من طلاب»أبجد»    تنوع ثقافي في سابع أيام مهرجان الرياض للمسرح    سيكلوجية السماح    عبد المطلب    زاروا معرض ومتحف السيرة النبوية.. ضيوف «برنامج خادم الحرمين» يشكرون القيادة    التشريعات المناسبة توفر للجميع خيارات أفضل في الحياة    طريقة عمل بوش دو نويل    تجويد خدمات "المنافذ الحدودية" في الشرقية    خادم الحرمين يرعى منتدى الرياض الدولي الإنساني    مهرجان فنون العلا 2025 معارض لفنانين سعوديين وعالميين    سعود بن بندر يلتقي مجلس «خيرية عنك»    الصحة توقع اتفاقية لتعزيز التعاون في الإمدادات الطبية والصحة العامة    ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة يصلون مكة ويؤدون مناسك العمرة    أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    القبض على شخص بمنطقة الحدود الشمالية لترويجه «الأمفيتامين»    «مستشفى دلّه النخيل» يفوز بجائزة أفضل مركز للرعاية الصحية لأمراض القلب في السعودية 2024    نائب وزير الخارجية يستقبل الممثل الأممي في العراق    كافي مخمل الشريك الأدبي يستضيف الإعلامي المهاب في الأمسية الأدبية بعنوان 'دور الإعلام بين المهنية والهواية    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    تجمع القصيم الصحي يعلن تمديد عمل عيادات الأسنان في الفترة المسائية    نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    ولادة المها العربي ال15 في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الليبرالية الجديدة وصندوق النقد الدولي
نشر في الوكاد يوم 20 - 06 - 2022

مع ابتداء النصف الثاني من القرن العشرين الميلادي بدأ العالم أولى خطواته في التشكل صوب هويته الجديدة التي انساق إليها عبر رؤية استراتيجية أجزم اليوم بأنها كانت مزمنة، أي أنه تم تنفيذها بشكل تدريجي وفي أزمانها المحددة وصولا إلى ما نحن عليه اليوم.
والواقع فإن ابتداء حركة التغيير في المشرق العربي بخاصة قد سبق ذلك بنصف قرن أيضا، حيث شكلت اتفاقية سايكس بيكو عام 1916م خريطة العالم العربي السياسية وخارطته الذهنية أيضا، فكان أن تكونت الأقطار العربية التي سرعان ما تحولت إلى قوميات عرقية قائمة بذاتها، وهو ما نعيشه اليوم بشكل حقيقي، فالحلم العربي الواحد تلاشى مع ابتداء القرن الجديد جراء تسارع ما نشهده من تقنية مذهلة، استخدمت في تكثيف حالة التسطيح التي انجرف معها المجتمع في إطاره الرسمي والأهلي، فكان أن سادت التفاهة بمضامينها، وأصبح التافهون رموزا مؤثرين في وسائط التواصل الاجتماعي، وبذلك نشأت أجيال خاوية من كل قيمة معنوية ووجدانية، ومن كل فكرة سامية ومبدأ عربي أصيل، وطبيعي أمام هذا التلاشي يغيب الحلم العربي، بل وتصبح فلسطين قضية هامشية في وجدان هذه الأجيال، والمحزن حين تظهر أصوات نكرة تؤيد الكيان الإسرائيلي المحتل، ليتحول الجلاد في نظرها إلى ضحية يتأذى من بكاء المجلود، ويتوجع من تراشق دماء الضحية على ثيابه، والله المستعان.
كل هذا بات مشاهدا للأسف، بل وصار التفاخر بالإلحاد واللادينية واللا أدرية أيضا أمرا قائما في عديد من غرف الدردشة ودون أي استنكار، ومن يحاول أن يدافع وتستثار عاطفته الطبيعية من عوام الناس غير القادرين على الاستيعاب والفهم لواقع التغير الجاري، يتم اتهامه بالرجعية والتنمر عليه بأساليب متنوعة، والعجيب أن كل ذلك يمارس باسم الليبرالية والعقلانية وما إلى ذلك من مصطلحات أجزم أن نسبة كبيرة من قطيع التيه المعاصر لا يعرف دلالتها بعمق وجودي ووفق مضمونها القيمي السامي.
في هذا السياق أشير إلى أن مصطلح الليبرالية الجديدة Neoliberalism يستخدم في الوقت الحاضر للإشارة إلى مذهب رأسمالي يؤيد مفهوم الاقتصاد الحر البعيد عن سلطة الدولة وما يتوجب عليها من عدالة اجتماعية، حيث تدعو «النيوليبرالية» إلى تبني سياسة اقتصادية تقلل من دور الدولة وتزيد من دور القطاع الخاص، وبالتالي سيطرة المال على كل مناحي الاقتصاد بدعوى أن ذلك يزيد من كفاءة الدولة ويحسن من حالتها الاقتصادية. فيتم تقليص القطاع العام إلى أدنى حد، وهو ما تهدف الليبرالية الجديدة إلى تحقيقه عبر ذراعها الحديدي المسمى ب»صندوق النقد الدولي»، الذي ووفق ما يعلنه «يعمل على رعاية التعاون النقدي الدولي، والحفاظ على الاستقرار المالي، وتسهيل التجارة الدولية، والحث على رفع معدلات التوظيف والنمو الاقتصادي المستدام، وتقليص الفقر في مختلف أنحاء العالم»، لكنه يفعل عكس ذلك كليا، فما دخل بلدا إلا أهلكه، وزاد من فقر أبنائه وعسر معاناتهم بحجة دعم الاقتصاد الوطني، فيقوم بفرض سلطته المحكمة على تلك الدولة التي تلجأ إليه بهدف الاقتراض، فيعمد إلى مراقبة التطورات والسياسات الاقتصادية والمالية فيها، ويتوجه إلى فرض سياسات التصحيح والإصلاح الرامية إلى حل مشكلاتها الأساسية وفق تصوره، ودون أن يكترث بحاجات الناس وواقعهم المعيشي.
أشير إلى أنه قد وجهت الكثير من الانتقادات القوية لأعمال الصندوق الذي صار أداة للشركات والبنوك العالمية لفرض هيمنتها على مختلف الدول النامية، كما بات أحد وسائل هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة السطوة عليه بحكم كبر حصتها مقارنة ببقية الأعضاء، وامتلاكها لحق الفيتو من بين جميع الدول الأعضاء. ولعل أفضل ما يدلل على سوء توصيات صندوق النقد الدولي ما نقل عن رئيس وزراء ماليزيا الأسبق السيد مهاتير محمد حين سئل عن سبب نهضة ماليزيا بعد أزمة الآسيان الاقتصادية فقال:
«خالفت توصيات صندوق النقد الدولي، وفعلت عكس ما طلبه من إجراءات».
إذن هي الليبرالية الجديدة وذراعها المالي الذي يحقق لها مرادها، وهي السمات الجديدة أيضا للعصر الذي يتخلق فيه مواطن أجوف، لا ينطلق من مبادئ ثابتة، ولا يهتم بالمحافظة على موروثه الفكري جملة، لا سيما وهو يراه يتحطم أمامه بالكلية، وطبيعي أنه بعد ذلك لن يتبنى أي قضية قومية عادلة، وسيتحول إلى فرد أحاد في قطيع يسير كل واحد منهم بمعزل عن الآخر كروبوتات آلية. كم أنا حزين لأعيش حتى أرى هذا الخذلان، وكم أخشى من تبعات هذا السقوط المريع، والله لطيف بعباده.
zash113@


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.