كم عدد الفرص التي تخلَّيتَ عنها لمجرَّد أنك كنتَ قلقًا من آراء الآخرين فيك؛ وكيف ستبدو صورتك في عيونهم؟!. الإجابة بلا شك: «كثير»، فمعظم الناس يتخلّون عن أجزاءٍ كبيرة من أحلامهم وآمالهم، ومن تفاصيل الحياة التي يتوقون إليها، لأنهم فقط يخشون الشعور بالحرج من محيطهم، أو أن يظهروا بشكلٍ قد لا يعجب من حولهم!. هذا أمر مأساوي ومحزن بالفعل.. لكنه واقع مشاهد للأسف، فالكثير مِنَّا يُشرك الآخرين في أدق تفاصيل حياته، وخياراته وقراراته الخاصة دون مُبرِّر منطقي، ودون حتى أن يطلب منه أحد ذلك، وكأنه يُسلِّم حياته للآخرين طوعاً، فيعيش حسب توجيهاتهم، ويتخذ القرارات حسب تفضيلاتهم!. نحن نعيش في مجتمعات إنسانية من الضروري أن نتعايش وننسجم معها، كي نشعر بالإيجابية والخصوبة.. لكن من المهم أيضاً أن نحمي خصوصياتنا، من خلال تقوية وتدعيم شخصياتنا واستقلاليتنا، وبدلاً من الانشغال المُربك بمحاولة الحصول على موافقة الجميع على كل ما نفعل، لابد أن نقوم بتصفيتهم وفرزهم، وتجاهل السلبيين والكارهين والحاسدين منهم، وعدم الاهتمام أبداً بما يقولون. أعجبني قول أحد الأصدقاء الطرفاء ذات مرة: «أنا لست كوباً من الشاي يجب أن يحظى بإعجاب الجميع قبل أن يُشرب».. لذلك لعل من المفيد دائماً أن تتساءل: لماذا تريد أن يرضى عن تصرفاتك شخص قد لا يُحبِّك أصلاً؟.. وما مدى الحاجة إلى (تذويب) شخصيتك من أجل الحفاظ على صورة تعتقد -مُجرَّد اعتقاد- أنها موجودة في ذهنه؟، أليس هذا إجحافاً بحق نفسك؟، قد يقول البعض: إنك لن تستطيع التوقف تماماً عن القلق بشأن ما يعتقده الناس عنك، وهذا صحيح، لكن يمكنك على الأقل التوقف عن تسمين (فوبيا) القلق بشأن ما يعتقده الأشخاص (الخطأ) عنك، وهذا أمر جيد إن قمتَ به. احترم واعتز باختلافك.. توقف عن التفكير في «الرافضين»، وقل دائماً: ليس بالضرورة أن يكون هناك تطابق في كل شيء، فالله لم يخلق البشر بمزاجٍ وذوقٍ وفكرٍ واحد.. هناك دوماً قِيَم وأذواق وأفكار مختلفة، وربما متباينة، وهذا أمر طبيعي ومقبول، ولا يُعدُّ عيباً أو نقصاً. عِش الحياة بشروطك الخاصة، ولا تكن كوب الشاي الذي يُكيِّف الجميع ليُرضي ذوقهم.. اسأل نفسك كم نسبة المخصص من حياتك لنفسك؛ وكم منها مخصص لإرضاء الآخرين؟.. اسألها أيضاً عن عدد الفرص التي أهدرتها؛ وما زلت تُهدرها لمجرد أنك تخشى الشعور بالحرج من الآخرين؟! أجب بصدق وشفافية، فهذه النسب قد تكون هي ما يمنعك من الحصول على حياة أفضل من حياتك الحالية بكثير. نقلا عن صحيفة المدينة