بعد نهاية الاختبارات العامة وما جاء فيها من نتائج سارة لكثير من الطلاب، بل لكل الطلاب، وبنسب عالية ومريحة، تبدأ اليوم معركة القبول في الجامعات التي ظهرت نتائج القبول بها في نهاية الأسبوع الماضي، وهي لا تقل مزاحمة وأهمية عن معركة الاختبار التي كانت حصيلتها درجات عالية في كل المدارس الحكومية والأهلية، لكن العدد الذي قبلته الجامعات والنسب التي وقف القبول عندها هي التي تحتاج إلى وقفة قد تطول بعض الشيء. الوقفة الأولى التي يجب أن يفكر فيها كل من أكمل التعليم العام هي ما التخصص الذي يتوجه إليه الطالب، ومدى ملاءمته له من حيث قدراته لما يختار من تخصص، ثم بعد ذلك أهمية التخصص والمواهب التي تمكنه من إتمام الدراسة في نجاح مريح وسهل، وباعتبار هذه الحال نجد أن كثيرا من الطلاب عند تقدمهم للجامعات لا يضعون هذه النقاط التي تحدد مستقبلهم طول حياتهم في حسبانهم، وإنما يتوجه تفكيرهم كله إلى إمكانية القبول أو عدم القبول في الجامعة التي يريدون أن تكون دراستهم فيها. وطغيان هاجس القبول يضيع على كثير من الطلاب التفكير السليم في خطر عشوائية الاختيار في البدائل الممكنة والتخصصات المناسبة التي قد تكون هي الأنسب، وبها يحقق طموح المستقبل لكل طالب يفكر جيدا في مستقبل الأيام وفيما يمكن أن يكون مفيدا له عندما يتوجه بعد تخرجه إلى سوق العمل الذي ينتظره ويفكر فيه خلال دراسته كلها. الوقفة الثانية هل كل من حصل على الثانوية العامة يجب أن يلتحق بالتعليم العالي؟ لعله من الصالح العام ألا يذهب إلى التعليم العالي إلا من تتوفر فيهم شروط مهمة بعضها يتعلق بهم وبعضها بمجتمعهم وبعضها لمصلحتهم ولنجاح مستقبلهم ولصالحهم، ولعلنا نفصل في هذه المسألة التي قد يخفى المراد منها من الوهلة الأولى. يتوجه للتعليم العالي في الغالب الذين تتوفر فيهم صفات التفوق العالي في التعليم العام، ووضوح الهدف الذي يرنو إليه هؤلاء، ويريدون تحقيقه ويتطلعون إلى النجاح فيه، والقدرة العلمية والذهنية التي تضمن الحد الأدنى من تحقيق الهدف الذي حدده الطالب عند التحاقه بالدراسة. أما المحاذير التي أصبح يقع فيها بعض الطلاب فهي الإصرار على اللحاق بالتعليم العالي دون أن تتوفر فيهم مؤهلات تجعلهم لا يتعثرون في دراستهم، ولا تطول مدة الدراسة إلى سنوات قد تصل إلى ضعف المدة المقررة للدراسة للطلاب الذين لا يسيرون في دراستهم كما يجب، ويكون تعثرهم وتأخرهم في مدة الدراسة قد فوتا عليهم فرصا لو عملوا لها مبكرا من حياتهم لكانت في صالحهم. الوقفة الثالثة أن هناك مسارات أخرى غير التعليم العالي بعضها أكثر أهمية لمستقبل الطلاب متوسطي القدرات، منها مسار التعليم الفني الذي يوفر فرصا أفضل في هذا الوقت حين قل بريق الشهادة عند طلب الوظيفة وحلت المهنة والصنعة محل من يحمل الشهادة النظرية التي لم يعد الكثير منها يؤهل لعمل ولا وظيفة. ولا شك أن التدريب على الأعمال المهنية اليدوية المنتجة هو ما يحتاج إليه أكثر المتخرجين من الطلاب، والأولى أن يتوجه إليه الطلاب الذين لا تحقق نتائجهم في الثانوية العامة تميزا، حيث تبدأ التجربة على ممارسة الأعمال الحرة، وسيفتح مجالات أوسع للشباب في القطاع الخاص وفي توظيف أنفسهم وغيرهم، وهو المستقبل الذي تنتظره بلادهم وستعتمد عليه في مقبل الأيام، ويبقى العدد الأخير الذين سيكتفون بالتعليم العام ويشرعون في البحث عن العمل المناسب مبكرا. Mtenback@ نقلا عن صحيفة مكة