كان أهل نجد سابقاً يمقتون من ينتسب لسلك العسكرية! وكانت تلك الوظيفة غير مرغوبة لديهم حتى وصل الأمر ألا يزوجوا بناتهم من عسكري ويشككون في دينه لدرجة تناقلهم عبارة: (لا تصلوا على العسكر)! وبعد أن تطور الفكر لدى الشباب صاروا يتنافسون على العسكرية ويبذلون جهدهم للالتحاق بها، وأصبح العسكري يحظى بمكانة بالغة! والنظرة تنسحب على الليبرالي كما العسكري سابقاً! فالبعض يرى أن الليبرالية مناقضة للإسلام في أصوله ومنهجه وأخلاقه وقيمه، وأنها دعوة للإلحاد ورفض الأديان؛ حيث لا تعترف بهيمنة الدين على الحياة الإنسانية! لذا يشككون في عقيدة الليبرالي ويخرجونه من الإسلام حتى أن بعض الوعاظ قال إن الليبرالي لا يمانع من الزواج بأخته أو أمه أو ابنته! كما ادعى واعظ أن التيار الليبرالي ومطالباته وآراءه لا فكر له ولا منهج، وأن المنتسبين له هدفهم الوصول لتحرير المرأة من القيود لإشباع رغباتهم الشخصية! وزعم واعظ آخر أن الليبرالي ليس لديه غيرة، فالرجال والنساء يسبحون سوياً بلا حياء! وهذا الخطاب هو ما دعا مجموعة من الشباب الباكستانيين لقتل زميلهم بدعوى أنه يحمل أفكارا ليبرالية! والحقيقة أن الليبرالية هي مذهب فكري ليس لها علاقة بالأديان كلها، وتعني حرية الشخص الذاتية في فكره وأسلوب حياته، وكيفية اتخاذ قراراته، ومدى تعبيره عن نفسه، وتصرفاته الشخصية ضمن دائرة ذاته دون الوصاية على الآخرين، أو إلحاق الضرر بهم. وتنادي الليبرالية بالمساواة بين أطياف المجتمع، وأجناسه وألوان بشرة أفراده، وتدعو للعدالة الاجتماعية وتنشد الانسجام بين أفراد المجتمع والتعايش السلمي، وهي ضد الاستبداد الديني وترفض تيارات الإسلام السياسي، كما أنها تخضع لضوابط قانونية منعا من انفلات النظام! بينما يتعرض هذا المذهب الفكري لتشويه صورته اجتماعيا ويؤلب ضده الرأي العام! ولن يقبل ذلك المذهب إلا بعد انتشار الأفكار العلمية والفلسفية والدينية التنويرية وانحسار الأفكار العنيفة، كيلا تتحول مقولة العسكر لمقولة جديدة: (لا تصلوا على الليبرالي)! نقلا عن الجزيرة