سؤالي: متى يأتي قادة الدول والشركات للمملكة للاستثمار في غير البترول ومشتقاته؟ حيث تشكل الاستثمارات الأجنبية في قطاع البترول والغاز للدول العربية المصدرة للبترول 29.2% من حجم تلك الاستثمارات حسب حسابات صندوق النقد الدولي، وتشكل الاستثمارات في قطاع الكيماويات 11% والقطاعات الأخرى ذات الارتباط المباشر وغير المباشر بالبترول حوالي 30% من حجم الاستثمارات الأجنبية. ما أريد قوله أننا دون قصد نحاصر أنفسنا بالصناعات البترولية، وأنا مازلت مقتنعاً بأن المملكة ليست مريضة بالمرض الهولندي لأننا مرضى (بالمرض السعودي)، المرض الهولندي هو تعبير ظهر عندما أهملت هولندا صناعاتها القديمة بعد ظهور الغاز في سواحلها بالإضافة لارتفاع قيمة العملة الهولندية (الجلدن) ما أدى لارتفاع أسعار منتجاتها وأنهك صادراتها غير الغازية، أما المملكة فلم يكن لديها قاعدة صناعية أصلاً وكان للبترول الفضل في جعل ميزانها التجاري موجباً لعقود ومصدر دخلها الأساسي، وعبر الدخل البترولي بنت المملكة كل ما فيها وأنفقت على بنيتها التحتية وتعليم رأسمالها البشري وبناء احتياطياتها النقدية، بمعنى أن البترول صنع ثروتها ونهضتها، بعكس هولاندا التي دمّر تنوّعها، لكن الفرق أن المرض الهولندي دمر التنوع اما المرض السعودي فجعل التنوع صعباً ومعقداً لخلق صناعات أخرى جذابة للاستثمار، وسبق أن كتبت هذا الفرق عدة مرات ومنذ سنوات وأضيف أن الريال السعودي ظل مرتبطاً بالدولار منذ الخمسينيات الميلادية. لكن عبر السنوات فإن المرض السعودي قد يتعزز، بسبب عدم قدرتنا على خلق صناعات أخرى أكثر تنافسية على المستوى العالمي تجذب الاستمارات سواء المحلية أو الخارجية ولاتزال أوزان الاستثمارات الأجنبية تتزايد في القطاعات المرتبطة بالبترول ومشتقاته وعدم وجود بدليل جذاب لهم.. اليوم يوجد وفد سعودي برئاسة سمو ولي ولي العهد -حفظه الله- يقوم بزيارة الصين ويحاول هذا الوفد تعزيز التعاون المشترك والاستثمار البيني، وعندما زار الرئيس الصيني المملكة منذ عام جاء لافتتاح مصفاة جازان البترولية. أعلم أن المملكة تدعو للاستثمار في عدة قطاعات؛ لكن لن يكون هناك مستثمرون ما لم يكن القطاع تنافسياً على مستوى عالمي، المملكة لا يمكن أن تنافس فيتنام على مستوى رخص الأيادي العاملة كعنصر جذب للاستثمار، ولا تريد أن تكون بيئة للصناعات البدائية والأولية، بل للصناعات ذات القيمة المضافة والتي لا يمكن أن تتم بدون تعزيز قاعدة البحث والتطوير التي هي أساس التنمية المستدامة، بالإضافة أن المملكة يوجد بها عناصر جذب أخرى مثل ارتباط الريال بالدولار وتطور الأنظمة التجارية والاستثمارية بها مؤخراً وقوة نظامها النقدي. يوجد لدى المملكة بنية لصناعة البحث والتطوير إذا نظمت بشكل مبني على قواعد ربحية استثمارية فستجدون كبرى الشركات في العالم تزور الرياض للاستثمار في غير البترول، وقد يستغرق ذلك فترة من الزمن، ومن يدري قد يكون بينهم الرئيس الصيني قبل نهاية فترة رئاسته في عام 2022.