لو سألنا تلامذة المرحلة الابتدائية عن فوائد المشي، لجاء الرد سريعاً بأنه مفيد للقلب والرئتين والعضلات وضغط الدم والعظام. أما الجديد في الموضوع، فقد جاء في دراسة لباحثين من جامعة بيتسبيرغ الأميركية نشرت نتائجها مطلع سبتمبر الماضي بأن المشي الذي يعتبر أفضل وأرخص رياضة مفيد لصحة الدماغ أيضاً. يقول الباحثون في دراستهم إن المشي بضعة كيلومترات كل أسبوع يقوي الذاكرة والقدرات المعرفية، ويمكن أن يبعد شبح الخرف «الزهايمر»، ولكن ذلك لا يحدث بين ليلة وضحاها كما قد يتصور البعض، إذ إن الأمر يحتاج إلى المواظبة على ممارسة رياضة المشي ما لا يقل عن سنة كاملة. تأتي هذه الدراسة بعد نشر دراستين في أغسطس الماضي عن فوائد المشي، وفي إحدى هاتين الدراستين يقول الباحث الرئيسي فيها د. آرثر كرامر من جامعة إلينوي في مدينة أوربانا - شامبين إن المشي يقوي الوصلات والروابط بين الدوائر الكهربية والعصبية في الدماغ، وهي مسألة في غاية الأهمية، لأن هذه الدوائر تصاب بالضعف مع التقدم في العمر، مما يضعف القدرة على التعامل مع متطلبات الحياة اليومية كقيادة السيارة أو اتخاذ القرارات السريعة مثلاً. وفي إطار هذه الدراسة، تابع الباحثون الأوضاع الصحية لمئة وسبعين شخصاً تتراوح أعمارهم بين الستين والثمانين بالإضافة إلى مئة شخص في العشرينات من أعمارهم، وبالنسبة للمتقدمين في العمر، فقد تم اختيارهم على أساس أنهم جميعهم لا يمارسون أي نوع من الرياضة بما في ذلك المشي. أخضع الباحثون نصف المتقدمين في العمر لبرنامج يشمل القيام بتمرينات رياضية من ضمنها المشي السريع. أما الباقون، فالمطلوب منهم القيام بتمارين رياضية خفيفة للتنشيط فقط. تم فحص أدمغة المشاركين في التجربة بجهاز الرنين المغناطيسي ثلاث مرات، عند بدء التجربة وبعد ستة أشهر وبعد سنة كاملة وفي الفحص الأخير تبين أن عمليات الربط والتواصل بين دوائر أدمغة المشاركين الذين واظبوا على المشي السريع كانت من حيث القوة والترابط قريبة جداً من عمليات الربط بين دوائر أدمغة الشباب. يقول د. كرامر في مقابلة مع صحيفة «علم الأعصاب والشيخوخة» إن ممارسي المشي السريع حققوا نتائج مذهلة من حيث اللياقة البدنية وقوة الذاكرة والقدرات المعرفية والتخطيط وتعدد المهام والتعامل مع الأمور الغامضة والملتبسة. أما أولئك الذين مارسوا الرياضات الخفيفة فقط، فكان التحسن طفيفاً للغاية. الدراسة الثانية التي نشرت نتائجها في أغسطس الماضي، أيضاً، كانت لباحثين من كلية الطب في جامعة هارفارد قالوا فيها إنهم أخضعوا ثمانية عشر ألف امرأة تتراوح أعمارهن بين السبعين والثمانين لفحوصات طبية شاملة، تبين من خلالها أن اللواتي كن أكثر نشاطاً في الحياة اليومية ويمارسن المشي لمدة ساعة ونصف كمعدل أسبوعي سجّلن درجات أفضل في مقياس القدرات المعرفية، وأنهى الباحثون دراستهم بالقول إن المشي دواء عجيب ضد الشيخوخة. المصدر صحيفة القبس الكويتية 5 أكتوبر 2015