أكدت دار الإفتاء المصرية أن إرسال المصريين بالخارج زكاة أموالهم إلى وطنهم مصر جائز شرعا، ويعد مساهمة فعالة في تنمية الوطن وتقويته وإنعاش اقتصاده، لما لتدفق أموال الزكاة من أثر كبير على اقتصاد الدول وتنمية المجتمعات، خاصة في تلك المرحلة التي تمر بها مصر، ومساهمة منهم في سد احتياجات أهلها والإنفاق على مصارف الزكاة فيها هو من مظاهر حب الأوطان، وحب الوطن من الإيمان، وهو معنى شرعي مقاصدي معتد به شرعا. وقالت دار الإفتاء في أحدث فتاواها امس إنه عملا بالمقاصد الشرعية والمصالح المرعية فإنه يجوز إرسال المصريين المقيمين خارج مصر بزكاة مالهم وفطرهم إليها، بل ونرى أفضلية ذلك وأولويته في هذه المرحلة التي تحتاج البلاد فيها حاجة أكيدة إلى الإنفاق على مصارف الزكاة فيها، وكفاية المحتاجين وسد حاجة المعوزين، فمصر وأهلها أولى بمساعدة مواطنيها وأبنائها. وأوضحت الفتوى ان القرآن الكريم حدد مصارف الزكاة على العموم من غير أن يحدد لها مكانا أو زمانا، فقال الله تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم) التوبة: 60، وجاءت السنة المطهرة بتحديد الأموال التي تجب فيها الزكاة وأحكامها الجزئية على الوجه الذي تتحقق به مقاصدها الدينية والقيمية والتكافلية والاجتماعية والتنموية. وأشارت الفتوى إلى أن الأصل في أموال الزكاة أن تخرج ابتداء من أغنياء كل قوم لفقرائهم، حتى يتحقق المقصد التكافلي، ويحصل الاكتفاء الذاتي، وتظهر العدالة المجتمعية، وتقل الفوارق الطبقية، وتحل المشكلات الاقتصادية، وتزداد وفرة وسائل الإنتاج وتضعف نسبة البطالة، فترتقي بذلك أحوال الأمم والشعوب، وتتوطد أسباب الحضارة. وهذا هو الأصل الذي كان يجري عليه غالب العمل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الذي تقتضيه مبادئ السياسة الشرعية، ولذلك نص عليه فقهاؤها فيما قرروه من المحددات العامة لوظائف الدولة وسياساتها الاقتصادية والمالية. وأضافت ان هذا الأصل يجري أيضا في زكاة الفطر؛ فقد فرضتها الشريعة أصالة لإغناء فقراء كل بلد عن الحاجة في العيد، غير أن الفقهاء متفقون على مشروعية نقلها بل ووجوبه إذا زادت عن حاجة البلد، وأكثرهم على أجزائها إذا أعطيت لمستحقيها ولو بغير بلدها، وحكي فيه الاتفاق والإجماع. وقالت الفتوى: «إن الشريعة راعت في الزكاة مصالح أخرى راجحة كاشتداد الحاجة، وإغاثة المنكوبين، وأولوية قرابة المزكي وعصبته، وانتمائه لوطنه، تحقيقا لمعنى التكافل الاجتماعي والترابط القومي، ونقلها من بلاد غير المسلمين إلى بلاد الإسلام، وراعت أيضا ازدياد أهمية جهة معينة من مصارف الزكاة على غيرها، تحقيقا لمقاصدها الشرعية ومصالحها المرعية على الوجه الأتم