كيف يمكن أن تنشر وتحلّل خبرا إيجابيّا عن وطنك في ظل طوفان الخطاب التشاؤمي الذي حقنته صراعات التيارات بثقافة اليأس والقنوط.؟ وكيف تقول للمتشائم إن (الوطن) أكبر من الموظّفين والمؤسسات الخدميّة التي قصّرت في أداء واجبها، وإن (الدولة) أغلى مكتسب في تاريخ الجزيرة العربيّة الحديث، وكيف يمكن أن تقنع المسؤول الخدمي أن العالم كله يراقب أداءه لواجباته؟ الخبر الجديد يقول إن المملكة العربيّة السعوديّة تحتل في مطلع عام 2015 المرتبة 12 في مقياس جودة الحياة بحسب تصنيف موقع numbeo.com المتخصّص في المسوحات العالميّة. وبهذا المركز تتقدّم المملكة على كل الدول العربيّة وتأتي بعدها دول خليجيّة شقيقة نالت حظّا طيبّا من الازدهار والنمو مثل الإمارات (مرتبة 18) قطر (المرتبة 20) الكويت (المرتبة 29) والبحرين (47). ويصنّف الموقع جودة الحياة في العالم بناء على معايير مهمّة تتجاوز انفعالات الخطاب التهكمي الذي يجيد بعضنا تصديره عن ذاته ووطنه. وحين تتأمل هذه المعايير تدرك أن مظاهر الحياة التي تغرينا في سفر سريع لبعض الدول لا تكفي للحكم الموضوعي كوننا نصرف أموالا طائلة نشتري بها جودة الحياة في أسابيع الإجازة المحدودة. وبناء على ذلك هل يمكن أن يصدق الشاب السعودي أن ترتيب بلاده في مقياس جودة الحياة – بحسب هذا المقياس الدولي- يأتي في المجمل قبل دول كبرى ومتقدمة يقصدها السعودي في كل سانحة إجازة؟ ترى ما معايير جودة الحياة بحسب هذا الفهرس العالمي الذي يضعه الناس؟ من هذه المعايير نجد مستوى القوة الشرائيّة للعملة، ومؤشر الرقم القياسي للأسعار للمستهلك، ومستوى توفر السكن بالنسبة للدخل، ثم مستوى التلوث في الهواء والماء وغير ذلك. ثم يأتي معيار مهم وهو الأمن والسلامة ثم معيار جودة النظام الصحي ونظام الوقت اللازم للتنقل. وعلى الرغم من تفاوت المستويات في هذه المعايير بالنسبة لبلادنا حيث كان مستوى سعر (السكن) قياسا بالدخل (متدنيا جدا) كما ظهرت جودة الصحة بدرجة متوسطة قياسا بدول أخرى إلا أن المجموع العام لهذه المعايير وضعنا في هذه المرتبة المتقدمة. وحيث إن السعوديين يقصدون دولا كثيرة بحثا عن الراحة والأمان إلا أن مفاجآت الإحصائيات الدوليّة تكشف عن أن بعض هذه الدول لا تتمتّع بوضع أمني مميز في ظل تصاعد معدلات الجريمة والعنف، ولأن الأمن هو المكتسب الأهم لأي دولة فيكفي أن نعرف أن ثلاث مدن في ماليزيا تدخل ضمن قائمة المدن العشرين الأقل أمانا في العالم وهي:"جوهر بهرو" (المرتبة الرابعة) و"كشنق" (المرتبة 17) وكوالالمبور (المرتبة 19). أما بريطانيا فتحتل ثاني أعلى معدل للجريمة في الاتحاد الأوروبي. وتأتي تركيا في المرتبة 14 عالميا من حيث معدّل الجريمة. وبحسب التقارير الدوليّة أيضا فإن البلدان العشرة الأول في أعلى معدلات الجريمة على مستوى العالم هي بالتتابع: الولاياتالمتحدة الأمريكيّة، ألمانيا، فرنسا، الاتحاد الروسي، إيطاليا، كندا، تشيلي، بولندا، إسبانيا ثم هولندا. وأغلب هذه الدول في المجمل هي مقاصد السفر لكثيرين منّا. وبناء عليه ليت المسؤولين في الأجهزة التنفيذيّة التي لم تحقق خدماتها مستوى مرضيا في هذه المقاييس العالميّة يراجعون هذه القوائم لنحتفل معهم نهاية العام القادم بمؤشرات جديدة أفضل يمكننا أن نفخر بها. نقلا عن الرياض