تحدثت بعض التقارير الإعلامية عن أن بعض الصناديق السيادية مثل الصندوق السيادي للنرويج بدأ في لقاءات مع بعض المستثمرين والمؤسسات المالية الاستثمارية بغرض البحث عن فرص في السوق المالية السعودية؛ وهذا قد يكون مؤشرا على أن السوق المالية السعودية بدأت تتحول إلى سوق أكثر رشدا من ذي قبل، إذ إن الإجراءات التي تمت خلال الأعوام القليلة الماضية التي تهدف إلى تنظيم السوق وتحسين أدائها وزيادة مستوى الشفافية فيها عزز من كفاءة هذه السوق والفرص القائمة فيها، كما أن الزيادات في حجم الإصدارات من الأسهم والصكوك ساعد في زيادة عمق السوق، وبالتالي زيادة الفرص واعتماد نشاط السوق على أسس أكثر رشدا منها في السابق، خصوصا بعد التقلبات التي شهدتها سوق الأسهم وانهيارها في شباط (فبراير) عام 2006، لا شك أن السوق المالية السعودية في الأشهر القليلة الماضية شهدت ارتفاعات ملحوظة ارتفع فيها المؤشر قرابة ال 50 في المائة، بعد أن ارتفع المؤشر من مستويات ستة آلاف نقطة إلى ما يزيد على تسعة آلاف نقطة، وارتفعت فيها أسعار الأسهم إلى مستويات في الغالب جيدة، وتحسن أداء السوق ونشاطها اليومي، وزادت فيها قيم التداولات إلى مستويات مرتفعة مقارنة بالفترة السابقة، وهذا مؤشر جعل البعض يعتقد أن هناك تحولا من المستثمرين إلى سوق الأسهم السعودية بصورة ملحوظة، وأن هذا قد يكون له دور في تحقيق نمو في الأسعار ومن بعد ذلك عوائد جيدة. دخول الصناديق السيادية إلى السوق لا شك أنه يحقق كفاءة أكبر للمستثمرين؛ إذ إن مثل هذه الفئة من المستثمرين تستثمر من خلال نظرة بعيدة المدى على اعتبار أن هذه السوق توفر فرصا كبيرة خصوصا عندما نعلم أن مثل هذه الصناديق لديها خيارات كثيرة جدا على مستوى العالم، فعندما تختار جهة ما وتستثمر فيها هذا يعطي الثقة بصورة أكبر في السوق، ويجعل منها أكثر استقرارا، وقد تكون عامل جذب لمستثمرين آخرين للاستثمار في السوق، إذ إنها أيضا تزيد الثقة في السوق وتحفز الجهات التنظيمية إلى العمل أكثر لحماية السوق من أي إجراء قد يتسبب في عدم انضباطه. ولكن يبقى أن السوق السعودية تعمل بأقل من طاقتها، وذلك لأنه ما زال التنوع في صور الاستثمارات أقل مما ينبغي باعتبار أن المملكة تعتبر من أكبر اقتصادات المنطقة إن لم تكن الأكبر على الإطلاق، فحجم الناتج المحلي كبير وهناك نشاط اقتصادي لا يستهان به، وفرص كبيرة للاستثمار في المملكة من قبل المؤسسات والشركات العالمية، وما زالت الفرص قائمة لا ستقطاب استثمارات أكبر خصوصا إذا ما تم اتخاذ بعض الإجراءات التي تعزز كفاءة السوق وتحسن أداءها، ومن ذلك تعزيز الزيادة في إصدارات الصكوك خصوصا الحكومية فما يطرح اليوم منها قليل جدا لا يكفي نهم المؤسسات المالية والبنوك، فضلا عن بعض كبار المستثمرين والشركات والأفراد، وهذه الإصدارات يمكن أن يستفاد منها في تنوع الاستثمارات، حيث إن الاستثمار في سوق الأسهم فقط مخاطرة على المستثمرين خصوصا الأفراد الذين يبالغ البعض منهم في استثمار كل ما يملك في سوق الأسهم دون الاعتماد على معايير صحيحة للاستثمار في السوق، ومنها الاستمرار في زيادة عمق السوق؛ إذ إنه يوجد تنوع وفرص أكبر للمستثمرين واستقرار أكبر للأسعار وجذب استثمارات داخلية وخارجية، ومن ذلك أيضا إنشاء سوق للسلع خصوصا أنها تعتبر مجالا جديدا يمكن أن يحقق فرصا للمستثمرين ومن الممكن أن يساعد في إيجاد فرص أكبر لقطاعات مثل الصكوك والبنوك الإسلامية للاستفادة من هذه السوق في منتجاتها، حيث إنه كما هو معلوم أن البنوك الإسلامية تعتمد بصورة رئيسة في منتجاتها على السلع سواء في قطاع تمويل الأفراد أو قطاع الشركات أو إدارة الخزانة، وتعمد حاليا إلى التعامل مع بورصة لندن للمعادن والبعض منها يتعامل مع البورصة الماليزية وهذه صفقات تتم بالمليارات يوميا وعوائدها عالية جدا وكثير منها ينشأ من خلال المنتجات المتوافقة مع الشريعة بمختلف أنواعها. فالعمل على إيجاد مثل هذه السوق وتنظيمها بصورة تتناسب مع احتياجات البنوك الإسلامية لا شك أن له أهمية كبيرة. الخلاصة أن اهتمام صندوق سيادي كبير مثل صندوق النرويج السيادي بالسوق المالية السعودية يعزز كفاءة السوق خصوصا بعد مجموعة من الإجراءات التي حسنت من أداء السوق، وهذا يستدعي الاهتمام بزيادة عمق السوق وتنوع منتجاتها، مثل زيادة عدد الأطروحات من الأسهم والصكوك، إضافة إلى العمل على إنشاء سوق للسلع في المملكة. نقلا عن الاقتصادية