تجاوز إجمالي عمولات التداول التي تفرضها المصارف التجارية وشركات الاستثمار على المتعاملين في السوق المالية السعودية "تداول" 22,4 مليار ريال خلال الثماني سنوات الأخيرة، يضاف إلى ذلك رسوم الاشتراك في خدمة التداول عن طريق الإنترنت التي تقدر بما يزيد عن 1,1 مليار ريال خلال نفس الفترة. وبذا تكون المصارف التجارية وشركات الاستثمار قد حققت إجمالي إيرادات يزيد عن 23,5 مليار ريال من المتعاملين في سوق الأسهم السعودية خلال الثماني سنوات الماضية (الجدول رقم 1). وتعد هذه الإيرادات مرتفعة نسبياً مقارنة بمستوى الخدمات التي تقدمها المصارف التجارية وشركات الاستثمار للمتعاملين في سوق الأسهم، إلا أن السبب الرئيس وراء ذلك يعود إلى نزعة معظم المتعاملين الأفراد إلى المضاربة (شراء وبيع الأسهم بغرض تحقيق أرباح من فرق السعر). وهذا السلوك ينطوي على درجة عالية من المخاطر. في حين أن الاستثمار طويل الأجل أقل مخاطرة ويحقق معدلات عوائد جيدة لاسيما في الشركات القيادية الأكثر استقراراً. لقد استطاعت الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية تحقيق صافي أرباح بلغ 525,5 مليار ريال خلال الثماني سنوات الماضية، وتم توزيع ما يزيد عن 307,7 مليارات ريال منها على حمالة الأسهم، أي تم توزيع ما نسبته 58,6% من إجمالي صافي الأرباح. أما الأرباح المتبقية فتم توجيهها إلى زيادة الاحتياطيات ورفع رأس مال الشركات التي تمكنت من تحقيق الأرباح خلال تلك الفترة (الجدول رقم 2). الشركات السعودية تحتفظ بمستويات مرتفعة من الاحتياطيات مكنتها من تجاوز الأزمة المالية والاستمرار في توزيع الأرباح وقد تأثر إجمالي صافي أرباح الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية "تداول" بالأزمة المالية العالمية في عام 2009م، حيث انخفض من 91,6 مليار ريال في عام 2008م إلى 19,6 مليارا في عام 2009م. ونتج عن ذلك انخفاض حاد في نسبة صافي الأرباح إلى إجمالي القيمة السوقية، حيث انخفضت هذه النسبة إلى 1,6%، وترتب على ذلك ارتفاع معدل السعر إلى العائد إلى 61%، أي يحتاج حملة الأسهم إلى 61 سنة لاسترجاع القيمة السوقية لأسهمهم. إلا أن ذلك لم يدم طويلاً، فقد تحسنت ربحية الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية "تداول" وتمكنت من العودة إلى المستويات الطبيعية في عام 2010م، وفي عام 2011م سجل إجمالي صافي أرباح الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية "تداول" أعلى مستوى له في تاريخه عند 93,5 مليار ريال. ويلاحظ من الشكل (1) أن تأثير الأزمة المالية العالمية في عام 2009م اقتصر على ثلاثة قطاعات في السوق المالية السعودية، هي: قطاع شركات الاستثمار المتعدد نتيجة للخسارة التي سجلتها شركة المملكة القابضة (30,7 مليار ريال)، وقطاع الصناعات البتروكيماوية نتيجة لانخفاض أسعار النفط، وقطاع الاتصالات نتيجة للخسارة التي سجلتها شركة زين (3,3 مليارات ريال). وبالرغم من انخفاض إجمالي صافي أرباح الشركات إلى 19,6 مليار ريال في عام 2009م، إلا أن الأرباح الموزعة لحملة الأسهم تجاوزته بفارق كبير وبلغت 35,9 مليار ريال، أي تم توزيع ما نسبته 183,1% من إجمالي صافي الأرباح (الشكل 2). ويمكن إرجاع ذلك إلى أن الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية "تداول" تحتفظ بمستويات مرتفعة من الاحتياطيات مكنتها من تجاوز الأزمة المالية والاستمرار في توزيع الأرباح لحملة أسهمها. إلا أن هذه النتيجة لا يمكن التسليم بها حتى يتم تحليل البيانات التاريخية لكافة الشركات المدرجة في السوق. لاسيما أن انخفاض العلاقة بين صافي الأرباح المعلنة والأرباح الموزعة قد يكون بسبب ضعف مستوى الرقابة المحاسبية وحوكمة الشركات المدرجة في السوق، وهذا ينطوي على مخاطر عالية سيدفع ثمنها المتعاملون في السوق عاجلاً أم أجلاً. [email protected] *مستشار اقتصادي