تعاني جامعاتنا السعودية من نقص كبير في الكوادرالوطنية الأكاديمية المؤهلة، مما جعلنا نعتمد كثيرا على التعاقد الخارجي مع أساتذة الجامعات من دول الجوار الشقيقة، وهذا الأمر يكتنفه العديد من الصعوبات في كثير من الأحيان، في حين أن لدينا كفاءات مميزة من المهنيين السعوديين، في العديد المؤسسات الصحية والهندسية وغيرها، مؤهلون على أعلى المستويات، فلماذا لا تستفيد الجامعات من خبراتهم ومؤهلاتهم لأقصى مدى، ولكن كيف يكون ذلك ؟. نشرت دورية ACADEME الصادرة عن " الرابطة الأمريكية لأساتذة الجامعات "American Association of University Professors (AAUP) في عددها الصادر في يوليه – أغسطس 2009 م، مقالا حول التدريس بنظام التفرغ الجزئي في مؤسسات التعليم العالي بعنوان: من هم الأساتذه غير المتفرغين " "Who Are the Part-Time Faculty للكاتب "James Monks". سأقتطف من هذا المقال عدة نقاط أراها مهمة، حين الحديث عن إمكانية التوسع في هذا النظام في مؤسسات التعليم الجامعي العامة والخاصة بالمملكة، وهي على النحو التالي : 1.كانت نسبة "اساتذة الجامعات بنظام التفرغ الجزئي عام 1975م في الولاياتالمتحدة 30% وارتفعت عام 2005 م إلى 48% على مستوى كل مؤسسات التعليم العالي الأمريكية. 2. 66% من أساتذة الجامعات ذوو التفرغ الكلي يحملون أعلى شهادة في تخصصاتهم، مقارنة ب 30% من الأساتذة بنظام التفرغ الجزئي. 3.أكثر من 65% من أساتذة "التفرغ الجزئي" لايرغبون في التفرغ الكلي، ويفضلون البقاء في أعمالهم خارج الجامعات، والعمل بنظام التفرغ الجزئي فقط . قد يسأل سائل عن سبب استدعاء هذه الإحصائيات في هذا التوقيت ولماذا؟ ولعلي فيما يلي أورد بعضا من الأسباب، لعلها تجيب على هذا التساؤل : أولا : مافتيء مسئولو التعليم العالي بالمملكة يرددون – وهم مُحقّون – أن هناك صعوبات كبيرة تحيط بعمليات التعاقد الخارجي لأساتذة الجامعات وخصوصا مع وصول عدد جامعاتنا إلى مايفوق الثلاثين جامعة. ثانيا : تزداد الصعوبات في التعاقد الخارجي في تخصصات مثل علوم الحاسب والهندسة والعلوم الصحية بفروعها، ولا أرى في المستقبل القريب تحسنا في ذلك. ثالثا: أعتمد نظام التعاقد الخارجي على دول عدة في الجوار، ونحن نرى الصعوبات التي تعانيها معظم أو كل تلك الدول وعدم استقرار أوضاعها، مما سيضاعف من صعوبات التعاقد مع اساتذة جامعاتها. رابعا : إن لدينا مؤسسات علمية وصناعية وخدمية تضم كفاءات وطنية تحمل أعلى المؤهلات في تخصصاتها، ويمكن البحث جديا في "استقطابها" للتدريس، بنظام "التفرغ الجزئي". ومن تلك المؤسسات، على سبيل المثال لا الحصر، مستشفيات القوات المسلحة والصحة والحرس الوطني والتخصصي. ومن المؤسسات العلمية والصناعية سابك، أرامكو، مؤسسات المدن الصناعية في الجبيل وينبع ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وغيرها كثير. خامسا : تورد الدراسة الأمريكية أعلاه حقيقة أن "اساتذة التفرغ الجزئي هناك يعانون من سوء تنظيم وقلة مردود مالي وخلافه، وأنا هنا أنادي أن ننطلق من خلال عمل مؤسسي تتبناه وزارة التعليم العالي من خلال أنظمة واضحة وصريحة تضمن جودة الأستاذ المتفرغ جزئيا، وتؤمن له كافة حقوقه المادية والمعنوية. بحمدالله تزخر بلادنا بطاقات مميزة ومبدعة، وأظنه قد آن الأوان أن تشارك هذه الكفاءات في مسيرة التعليم العالي، بشكل جزئي مع استمرار عطائها في مؤسساتها الأصلية . إنني أرجو أن تقوم وزارة التعليم العالي بتبني هذا الطرح، وأن تشكل له اللجان المتخصصة لتنتقل به من النطاق الضيق والمحدود لآفاق أرحب إلى أن يصبح "مشروعاً وطنياً"، يسهم بفاعلية في تغطية حاجات مؤسسات التعليم العالي، ويستفيد من الطاقات الوطنية لأقصى مدى. . وبالله التوفيق . نقلا عن المدينة