نحن على أبواب الصيف، ودعوني أعترف أولًا بأنني مسبوق في الحديث حول موضوع "جامعاتنا والصيف" بكتابات مجموعة من المهنمين بالشأن الأكاديمي، فلهم الشكر على ما قدموا. لكنني سأنظر إلى الموضوع من منظور مختلف، خاصة وأنه بلاشك، سيلتقي مديرو الجامعات في الأسابيع القادمة في اجتماعات دورية ليناقشوا قضايا تُهمّ جامعاتهم والتعليم العالي. وقد يكون من بين تلك المجالس، مجلس التعليم العالي. لذلك أغتنم فرصة اجتماعهم القادم والذي سيكون بحضور معالي وزير التعليم العالي، لأقترح أن يُضمنوا أجندة اجتماعهم موضوعًا تشاوريًا يُدار على شكل "حلقة دراسية" تحت عنوان: "جامعاتنا والصيف" يخرج منه المجتمعون بتوصيات عامة تترك لكل جامعة الحرية لأن تُبدع في التفاصيل. قد يسأل سائل عن المبرر لشغل وقت قيادات التعليم العالي بمثل هذا الموضوع..!؟ لاشك أن المستهدف في الأساس هم طلبة الجامعات والثانويات العامة، حيث إن كثيرًا منهم لا يعرف عن جامعته أو بقية الجامعات إلا القليل، وقد يكون ما يعرفه مشوّها أو مغلوطًا.. فماذا أبقى الإعلام ووجهات النظر الأحادية للتعليم العالي!! ليس ذلك فحسب بل دعونا نفكر في ماذا يفعلون في أوقات فراغهم العريض خلال إجازة الصيف. لاشك أن الكثير من الطلبة كان يسافر في الماضي إلى خارج المملكة للترفيه في الصيف، لكن الحال غير الحال كما تعلمون من حولنا. لذلك فهي فرصة لتعزيز الولاء للوطن ومكتسباته - وكم نحن بحاجة إلى ذلك في هذا الوقت - حين تجذبهم جامعاتنا في الصيف لارتيادها بصفة اختيارية للقيام بنشاط إبداعي ما، حيث إن الجامعات ومن خلال عمادات شؤون الطلاب وخدمة المجتمع قد أنفقت الكثير من المال والجهد على مرافق تصلح أن يعمُرها الشباب طيلة الصيف مثل المرافق العلمية والرياضية والإعلامية. على صعيد آخر، نجد أن هناك العديد من الباحثين والعلماء الذين يتمنّون أن يصحبهم ويعينهم في تنفيذ أبحاثهم، ولو لفترة الصيف، باحثون وباحثات من شباب الوطن. إنني على قناعة راسخة أن ما تقدم من رؤى وغيرها، لمبرر قوي لكي يناقش المديرون (مجتمعون) موضوع "جامعاتنا والصيف". بلاشك أن مديري الجامعات، هم الأقدر على إثراء تلك الحلقة الدراسية بالكثير من الأفكار. لكن دعوني أغامر، فأطرح مقترحًا أظنه قابلًا للتطبيق، وأدعو القراء الأعزاء أن يشاركوا بمقترحاتهم تعقيبًا على مقالي بعد ذلك. أقترح مثلا أن تستقبل كل جامعة من غير طلابها - أي من طلاب جامعات من مدن أخرى وطلاب ثانويات كذلك - من خمسين إلى مائة طالب وطالبة من كل جامعة لديها الاستعداد لإرسال طلابها لتلك الجامعة، كما لها أن تحدد سقف العدد الإجمالي الذي يمكن أن تستقبله. إن هؤلاء الطلبة الضيوف الذين سيزورون مدينة أخرى وجامعة غير جامعتهم سيتم الترتيب لهم ببرنامج علمي، بحثي، إعلامي، رياضي.. إلخ يناسب كل واحد منهم ورغباته وتطلعاته، كما ستتاح لهم الفرصة للتواصل مع طلبة الجامعة المستضيفة وأساتذتها، مما يمهد لقيام صداقات وعلاقات علمية وبحثية قد تطول وتثمر مع الزمن، هذا بالإضافة لتعرفهم على وطنهم وعلى ما حباهم الله من نعم وخيرات. إن جامعاتنا غنيّة جدًا بالكثير من القيم والمقومات، ومن الظلم أن ندفنها، بل من الحكمة وحسن التدبير استغلالها والاستفادة منها بأقصى ما يمكن خلال أشهر الصيف، فقط علينا أن نتبادل الأفكار ونضع الخطط، ولاشك أننا فاعلون. حين ذلك سيكتشف شبابنا من خلال حسن رعايتنا لهم، كم في هذا الوطن من الخير وكم نستطيع أن نُسهم معهم وبهم في رفعة وإعلاء شأن وطن الخير .. وسنحبه - جميعًا - أكثر.. وبالله التوفيق. نقلا عن المدينة