أسوأ ما يمكن أن تفرزه الخلافات الفكرية، هو التشكيك في وطنية من تختلف معه. وهو ما حدث ويحدث معي ومع غيري من الكتاب الذين يصنفهم التيار الإخواني في خانة الخصوم، حتى لا أقول الأعداء. ولأن بعض هؤلاء ، تبنوا خيار الاصطفاف الطائفي وتجاهلوا العدو الإسرائيلي ومخططاته وممارساته الإجرامية التي تحدث يوميا على الأرض، فإنهم لجأوا إلى التشكيك في وطنية كل من يحاول التصدي - فكرياً - للمد الإخواني، انطلاقا من عدم انجراره لفخ التعبئة الطائفية الذي كنت ولا زلت مؤمناً بأنه لا يخدم سوى أهداف الصهيونية والإمبريالية العالميتين. أحد هؤلاء كتب الأسبوع الماضي مقالاً تساءل فيه عن وطنية الكتاب القوميين وموقفهم مما أسماه بالخطر الصفوي..! وهي تسمية يتداخل فيها السياسي بالعقدي بالتاريخي، بشكل قائم على الخلط والتعميم الذي يناقض أبسط شروط ومقومات الموضوعية والمنهجية العلمية. إن الحديث عما يسمى بالصفوية، مع تجاهل تخصيص النظام الإيراني بالانتقاد، لن يخلق سوى الفتن الطائفية التي لن تنتهي بانتصار أي طرف من الأطراف، أما استخدام معاداة ما يسمى بالصفوية بوصفه معياراً للوطنية، فهو يحتوي ليس فقط على ظلم بيِّن لكل المسلمين الشيعة، ولكنه يهدف إلى تحويل الأنظار عن مصدر الخطر الحقيقي الذي يتمثل في إسرائيل أولا وفي تنظيم القاعدة وبقية التنظيمات المتطرفة الأخرى. لقد ارتكبت القاعدة سلسلة من العمليات الإرهابية في المملكة، كما أنها ما زالت تجند المزيد من الشباب وتخطط للمزيد من العمليات الإرهابية، فأين موقف هؤلاء الإخوانيين منهم؟ إنني كنت ولا أزال أعتقد ببراءة كل مواطن شيعي لم يثبت عليه التورط في أعمال الشغب، وهو الموقف الذي لا يحتاج إلى تفسير من وجهة نظري. أما ما يحتاج إلى التفسير فعلا، فهو السكوت عن القاعدة وتجاهل مواقف الإخوان وتصريحات بعضهم، فيما يخص الشأن السعودي. وهو ما يصر هؤلاء على فعله من خلال استخدام مواقف إيران الرسمية لإدانة الشيعة بالجملة، حتى ولو كان جزءا منهم شريكا لنا في الوطن. لقد كنت ولا أزال مؤمنا بأن الدولة قادرة على التصدي لأي خطر خارجي، أما الخطر الداخلي الذي تمثله القاعدة وخلايا التنظيمات العالمية الأخرى التي تتخذ من الإسلام شعارا، فإن مسؤوليتنا ككتاب وإعلاميين تقتضي التنبيه إليه حتى لا يتم تضليل المزيد من شبابنا السذج الذين يُستخدمون كوقود لإشعال النار في جسد الوطن من الداخل، كما حدث عبر العديد من جرائم التفجير التي ارتكبتها القاعدة وأودت بأرواح مئات الأبرياء في بلادنا. نقلا عن المدينة