لم تكن بالأمس الجولة الأولى و الأخيرة في السباق الوطني الفلسطيني والاستفتاء الجماهيري بين فتح و حماس ,بل أن هذه الجولة مجرد مقدمة لجولات قادمة كبري و معقدة مع أن البعض كان يعتقد أن فتح لن تتفوق و تسبق حماس في هذه الجولة بكثير و قد تكون جماهيرها اقل من جماهير حماس التي احتشدت في الكتيبة للاحتفال بانطلاقة حركة المقاومة الخامسة والعشرين ,إلا أن الجماهير جاءت بخلاف ما يتوقع البعض وحتى قادة فتح الذين توقعوا أن لا تخرج الجماهير عن بكرة أبيها رافعاً علم فلسطين وراية فتح فوق الرؤؤس ,ولعل هذه الجماهير أحدثت صدمة لكل المعتقدين أن فتح شاخت و لم تعد حركة جماهيرية عندما دفعت فتح بجماهيرها من الشباب والرجال والنساء وحتى الأمهات والأطفال من زهرات وأشبال , اليوم اعتقد أن السباق بين فتح وحماس التي فازت في الانتخابات التشريعية الماضية بجدارة قد بدأ ,ومع هذه البداية أرسلت فتح برسائل عديدة عبر جماهيرها , أولها أن هذه الجماهير قالت أن حركة فتح باقية واكبر ممن اعتقدوا أنها تصغر وتتمزق ويذهب ريحها , و قالت نعم للدولة الفلسطينية التي حققتها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في الأممالمتحدة , وقالت نعم للوحدة الوطنية الفلسطينية على أساس المساواة والعدل الوطني وعلى أساس بناء الدولة الفلسطينية واستعادة الحقوق المسلوبة ,وقالت لا و ألف لا لمن يراهن على بقاء الانقسام الأسود من الآن فصاعدا , وقالت هذه الجماهير لا وألف لا للاحتلال المجرم الذي يستوطن ويهود ويقتل ويدمر الأرض والحجر , وقالت لا لأمريكا وأذنابها الذين فرضوا حصارهم الظالم على شعبنا الفلسطيني بغرض تركعيه والنيل من استقلالية قرار قيادته الوطنية, وقالت لا لأي مشاريع تستهدف حل الصراع على حساب المنطقة العربية وعلى حساب الثوابت الفلسطينية . كان الرابع من يناير يوما تاريخيا في تاريخ الثورة الفلسطينية ,ويوما من أيام فتح العظيمة , كباقي أيام التاريخ العظيمة التي كتبتها الثورة بالبندقية والدم وكانت خلفيتها الكوفية , في هذا اليوم التاريخي تسابقت الجماهير الفتحاوية إلى ساحة الشهيد ياسر عرفات لتقف ثابتة على ارض غزة العزة ,هذه الأرض التي ترفض الانقسام وتمقته وتناضل مع شرفائها دون ملل لإنهاء هذه الحقبة السوداء في تاريخ الشعب الفلسطيني ,و كان الفاتح من يناير هذا محطة تاريخية يجب أن تستوقف كل القادة السياسيين على اختلاف فصائلهم, لأنها تلك المحطة التي وصل إليها كل الشعب الفلسطيني في قطار فتح وبعدها ستنطلق الجماهير لتحقق ما يريده الشعب العظيم , ولعل هذا اليوم ليس عفويا وإنما كان ينتظره الفتحاويين ومناصريهم منذ أكثر من ستة سنوات ليبرهنوا أن فتح وجماهيرها هي الحركة التي تفرض المعادلة وتكتب أبجديات العلاقات الوطنية وترسم سياسة المنطقة بأسرها انطلاقا من استراتيجيات المواجهة مع إسرائيل وانتهاء بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف . هذا سباق واضح المعالم و واضح الأدوات إلا أن الخطط ستختلف في المحطات القادمة لكل من فتح و حماس ,لان هذا السباق لا نهاية له عن قريب حتى لو تحررت ارض فلسطين كاملة ستبقي حلقات السباق قائمة في دهاليز السياسة وأروقتها ,واليوم نستطيع أن نقول أن فتح وجماهيرها سبقت الآخرين جماهيريا , وفتح سبقت نحو الوحدة الوطنية وأصبحت أيدلوجيتها التي لا تتخلى عنها ,وهاهي الجماهير تطلبها وتصر عليها وتنادي بها بأعلى صوتها , وسبقت فتح الآخرين نحو الدولة وأصرت على إقامتها وبناء مؤسساتها وتحرير مقدساتها على ترابها الوطني الواحد , وفتح تستطيع أن تسبق الآخرين في أي انتخابات قادمة أيضا إذا ما أتيحت لها الفرصة الحقيقية لتنظيم صفوفها واستغلال طاقاتها والعمل ضمن إستراتيجية بناء فتح الدولة والمؤسسات من جديد لتجد هذه الجماهير ضالتها في مؤسسات تحقق طموحاتها وتضع آمالها على رأس سلم الأولويات في الحركة , وكانت فتح قد الآخرين نحو الكفاح المسلح وحمل البندقية واعتقد أن فتح ستبقي رائدة الكفاح المسلح المرحلة القادمة من تحرير الدولة. ولا ن المرحلة تعتبر من أهم مراحل النضال الفلسطيني نحو الاستقلال وإقامة الدولة و من أهم مراحل مواجهة مشاريع و بدائل تصفية القضية الفلسطينية ,ولان جماهير فتح أدركت متطلبات المرحلة القادمة للمواجهة ,فقد سابقت ومازالت تسابق وتتفوق لأنها صاحبة المشروع الوطني الذي أقرته الجماهير منذ الانطلاقة الأولى و الرصاصة الأولى ,وهنا بات محتما على قيادة فتح المركزية و مجلسها الثوري الوقوف عند إرادة هذه الجماهير و مدركاتها المختلفة للمرحلة قراءة رسائلها القوية لكل الاتجاهات والوجهات و القوي المحيطة بالقضية والتي تؤثر في القضية ,وبات عليها أن تعهد إلى قيادة متقدمة تفهم الجماهير أكثر من السابق وتعي أساليب مخاطبة الجماهير وصنع القيادة من داخل هذه الجماهير ولا تعهد إلى اختيار قيادات تريد من الجماهير أن تصنعها و بات عليها أن تستمر في دراسة الحالة في كل مرحلة لتستخلص العبر و تخطط للمرحلة التالية , وبات على قيادة فتح أن تحافظ على هذه الجماهير من التسرب من صفوفها حتى تنتصر هي وجماهيرها في كل مراحل السباق القادمة. [email protected]