الرأي قبل شجاعة الشجعان ..هكذا قال المتنبي، وهكذا ولدت جمعية الكتاب لتصبح محصورة على كتاب الرأي الذين تم توصيفهم بالكتاب الذين يكتبون عن الشأن العام في الصحف المحلية، ولكن الرأي شيء والكتابة شيء آخر تماما، فقد كان المنتظر أن تكون هناك جمعية تضم الكتاب والأدباء ولكن ما تمت الموافقة عليه هو جمعية لكتاب الأعمدة الصحفية، وليس كل كتاب الأعمدة الصحفية بل كتاب الرأي فقط. هل المقصود هنا (الرأي) أم (الكتابة) ؟، إذا كان المقصود الرأي فإن الكتابة إحدى وسائل التعبير عن الرأي وهي رغم أهميتها إلا أنها تشكل جزءا من الرأي العام وهناك الكثير من أصحاب الرأي في وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي، أما إذا كان المقصود بالجمعية هي الكتابة (والكتابة الصحفية تحديدا) فإن الكثير من الزملاء الكتاب لا تهمهم الكتابة عن (الشأن العام) وقد لا يعتبرون (كتاب رأي) ورغم ذلك فإنهم نجوم بارزة في سماء الصحافية المحلية. الزميل فهد عامر الأحمدي مثلا واحد من أبرز كتاب الصحف المحلية ولكنه في مقاييس جمعية رأي لا يتناول الشأن العام، هو كاتب مبدع يحاول تفكيك ألغاز هذا العالم بأسلوب يعشقه قطاع عريض من القراء، وكذلك الزميل مشعل السديري الذي يفضل أن يكتب عن يوميات ومشاهدات وطرائف تلخص رؤيته الساخرة لهذا العالم ..هو أيضا قد لا تنطبق عليه مسطرة (الشأن العام) التي قد تلوح بها جمعية رأي الوليدة، وكذلك الحال بالنسبة للكتاب الذين يركزون على القضايا الثقافية أو الفنية أو الرياضية أو حتى القضايا العلمية والدينية. وسوف تتجلى عقدة الانفصام إذا اشترطت الجمعية على الكاتب الصحفي الذي يحصل على عضويتها أن لا يحصل على عضوية هيئة الصحفيين لأننا في هذه الحالة سوف نسلخ سلخا من بلاط صاحبة الجلالة ونصبح في مكان منفصل عن زملائنا الصحفيين المحررين والمصورين والرسامين، أما إذا سمح للكاتب الصحفي بالعضوية المزدوجة فهذا أمر حسن ولكن الكوميديا السوداء في هذه الحالة أن أساتذتنا الكبار أعضاء مجلس إدارة هيئة الصحفيين تركي السديري وهاشم عبده هاشم وقينان الغامدي وجميعهم كتاب بارزون في الشأن العام وعواميدهم الصحفية الشهيرة لها صولات وجولات لا تنسى قد ينتسبون للجمعية باعتبارهم كتاب رأي!، حيث لا ينكر أحقيتهم بالعضوية أي عاقل، وقد يروق لهم أن يرشحوا أنفسهم في انتخابات مجلس الإدارة ..بالطبع سوف يكسبون الانتخابات ولسان حالهم يقول: (وين رايحين يا شباب ..وراكم وراكم)!. على أية حال أتمنى للزملاء الأعزاء في جمعية رأي كل التوفيق في جمعيتهم الوليدة وأن يعينهم الله في الدفاع عن حرية الرأي ليس في الصحافة فقط بل أيضا بكل أشكال التعبير، الأهم أن تكون مساحة قبولها للرأي الآخر غير محدودة وإلا لما أصبحت جمعية رأي، إذا تشابهت الجمعية مع رأي واحد تضعه في اعتبارها سلفا فإنها سوف تتحول إلى جمعية قولبة الرأيك!. نقلا عن عكاظ