قال لي صاحبي وهو في منتصف الطريق في بناء مسكنه بعد أن أخذ القرض من الصندوق العقاري: لقد تعلمت أمورا كثيرة عن طرق وأعمال المقاولات وربما بعد انتهاء المنزل سأحاول مرة أخرى أن أصبح مقاولا! منذ بدء الصندوق العقاري أصبح نصف المجتمع مقاولين، والنصف الآخر يشاور عقله في أن يخوض غمار هذه الأعمال، وتمر علي حالات أذهل من تلك المعارف لدى أساتذة جامعات وأطباء ومهن مختلفة في معرفة الخرسانة المسلحة وعدد الأسياخ التي يتوجب أن تكون في كل عمود، وكيف هي الطريقة المثلى للعزل الحراري والفرق بين البولي سترين والبولي يورثين والصوف الصخري. ولذا فإني في هذه المقالة سأستعرض منتجات الصندوق العقاري غير السكن الذي هو مراد هذه الفكرة التنموية. l لقد أنتج الصندوق العقاري خلال عقود من الزمن (مقاولين) ومن خلال تجارب شخصية لأصحاب القروض، تركوا مهنتهم الأساسية ووجدوا في هذه المهنة التي يتعلمون منها بطريقة الخطأ والصواب، وكما ذكرت سابقا فإن نصف المجتمع اليوم مقاولون والنصف الآخر يشاور عقله في عبث واضح في كثير من الأحياء، حيث لا رقابة البتة على ما يقوم به هؤلاء، ولك أن تزور المحاكم لترى عددا من القضايا التي رفعت على مثل هؤلاء العابثين في أحلام الآخرين، فهل هذا المنتج مراد الصندوق؟! l لقد أنتج الصندوق (أحياء سكنية مبعثرة) يبنى فيها جزء وتظل فيها أجزاء أخرى عبارة عن فراغات كثيرة تكون سببا في تحطيم ما بني من بنية تحتية، إذ هي تبدأ متأخرة عن الأخرى في جدلية حفرية مستمرة، لا يخرج منها الحي مطلقا إلا بعد أن يغادره أصحابه إلى أحياء أخرى، وقارن بين حي وزارة الخارجية وحي الربوة في الرياض ستجد الفرق. l المنتج الثالث والخطير هو (العمالة السائبة) التي تجوب الأحياء بحثا عن لاهث يرغب في أن يستريح ويسكن في سكن، وذلك بسبب أن الأعمال لا تتم بصورة متسلسلة لكل عمل، بل كل واحد يبحث عن بناء وعن سباك وعن أصحاب مهن أخرى كأعمال البلاط.. إلخ، ويستخدم بعض العمالة طريقة الذئاب مع الفرائس، وهو أن يعمل بعض العمل لديه ثم يذهب إلى آخر ويعمل نفس العمل ويعلق الجميع، فلا يستطيعون أن يكملوا مع غيره وقد بدؤوا معه، ولك أن تذكر ذلك إلى بعض اللاهثين ليحدثك كم من مرة وقع في الفخ. l المنتج الرابع ''مواد بناء'' من كل أصقاع الدنيا ونحن لا نحتاج إلى هذا الكم منها مطلقا، ولذا أصبح لها تجار يسعون في ساعة إلى إغراق وفي ساعة أخرى إلى إحراق كي يكوى بها المحتاج وافتعال أزمات وهي أيضا تحتاج إلى مخازن ومن ثم إلى عمالة لترعى هذه المخازن، ولو ذهبت إلى طريق الخرج لوجدت شيئا مذهلا من تلك المواد التي لا يمكن أن تصدق أنها تم استيرادها للمملكة. l المنتج الخامس (ورش صناعية) رديئة المنتج وتستخدم عمالة هاربة وهي في أعمالها تستخدم أسلوب العمالة نفسه مع طريقة الذئاب في اصطياد الفرائس، وهي وجدت لتلبي الطلب لكل راغب في بناء المسكن دون النظر إلى الجودة والمتانة فقط أهم شيء لدى الزبون متى يتم التركيب. l المنتج السادس هو ''هدر للطاقة''، حينما يصمم كل واحد مسكنه الخاص دون مراعاة لترشيد الطاقة واستهلاكها تكون النتيجة الطلب المتزايد على الطاقة الذي ستصل معه المملكة بعد سنوات إلى مستويات قياسية في استهلاك الطاقة وإهدارها. إن الإنشاءات التي تستهدف السكن وهي مطلب ملح ودائم يجب أن تتم باستراتيجية مختلفة تماما عما يفعله الصندوق العقاري حاليا، وإن منتجات الصندوق التي ذكرتها هي بالتأكيد ليست مراد الصندوق إنها نتاج الأسلوب المتبع في إعطاء مبلغ من المال دون مساعدة على حل الأسئلة الخمسة ماذا ولماذا وأين ومتى وكيف؟ نقلا غن الاقتصادية