من المعلوم في الهياكل التنظيمية لدورة الأعمال حكومية كانت أو في القطاع الخاص، أنه كلما ازدادت طبقاتها وتشعبت في تعقيدها، وبالتالي تداخلت صلاحيات بعضها ببعض، فإنها ستؤدي في النهاية إلى زيادة في بيروقراطية العمل وبطء الإنجاز وتدني مستويات المخرج والكفاءة. وهذا سينعكس سلباً على الأداء من الناحية الاقتصادية سواءً كان بطرق مباشرة أو غير مباشرة، إضافة إلى تعزيز إيجاد ثغرات للهدر والفساد الإداري والمالي. وفي اقتصادنا المحلي - ولنأخذ القطاع الحكومي لكونه الأكثر مشاركة في الناتج المحلي والأطول تاريخية منذ تشكل مؤسسات الدولة وتطور بنياتها التشريعية والتنظيمية، حيث يسعى هذا القطاع العام إلى محاولة زيادة الإصلاح في النظم والمؤسسات والصلاحيات للمصالح الاقتصادية فيما يتماشى مع متغيرات وظروف ومعطيات الاقتصاد، ولذا تنشأ دوائر حكومية جديدة مثلاً أو يخلق نظام أو تنظيم جديد بحسب هذه المتغيرات والمعطيات الجديدة أو المتجدّدة. إلا أنه من المشاهد أن خلق هذه الدوائر الحكومية والمؤسسات العامة تكون في بعض الأحيان بهدف الوصول إلى غاية إيجابية لتعذر تحقيقها بسبب نظام معين. ولذا فهي أي هذه المصلحة الحكومية المولودة هي عبارة عن آلية عملية تستخدم كحل للخروج من إشكاليات النظام. والسبب في ذلك أصلاً يعود إلى عدم تحديث بعض النظم والتشريعات بما يتلاءم مع المعطيات الجديدة نظراً لكون التغيير في هذه النظم من أصعب ما يمكن عمله في الإجراءات الحكومية. وصعوبة التحديث أو التعديل في بعض الأنظمة الحكومية أسبابه عديدة، غير أن منها الثقافة السائدة بعدم التغيير، كما لو كانت نصوص هذه الأنظمة لا يقبل التعرُّض إليها ألبتة. إن المطلوب دوماً هو كفاءة الأداء التي لا تتحقق بمجرد البحث عن آليات للخروج من حرج نصوص الأنظمة بطريقة تؤدي إلى تعددية في المرجعية أو ترهل في حجم طبقات المسؤولية وما إلى ذلك. ولذا فالمطلب لتحقيق الإنتاجية الفاعلة هو تحديث أو تغيير أو تعديل بعض الأنظمة، خصوصاً أن بعضها لم يعترها تغيير معنوي منذ وضعها، وإلا فسنستمر في مشكلات ما تؤديه عادة الزيادة في الطبقات والتعددية في القرار والصلاحيات في بعض الأحيان بشكل سيزداد معه الهدر الاقتصادي بدلا من تقليله. نقلا عن الاقتصادية