قبل حوالي عشر سنوات تراجعت "عرين شعيبات " من بيت ساحور الفدائية والمقاتلة الفلسطينية عن تفجير نفسها وسط مجموعة من الصهاينة في ريشون ليتسيون شمال تل أبيب, وتحديدا بشارع الكرمل, حيث كانت الخطة أن يفجر فدائي اسمه عيسي بدير نفسه وبعد أن يتجمع عدد من الجنود تفجر عرين نفسها وسطهم, إلا أن ابتسامة طفل إسرائيلي صغير حال دون نزع صاعق حزام التفجير الذي يبلغ 30 كيلوا غرام , وبعد خروجها من السجن أوضحت عرين للقناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيلي سبب عدم تفجيرها نفسها فقالت عندما سالت نفسها عن حال هذا الطفل والأبرياء من حوله وماذا سيكون حال امة المسكينة وإخوته بعد موته قررت عدم تفجير نفسها ليعيش هذا الطفل وتضيف عرين" لقد قررت أيضا أن اقنع عيسي بعدم تفجير نفسه لكني فشلت وعدت إلى بيت ساحور، ومن ثم أبلغت كتائب شهداء الأقصى أنني لا أريد الموت ولا أريد قتل احد". قد تكون مفارقة غريبة أن تعترف عرين بهذا وبعد أن خرجت من السجن، والمؤكد أن عرين لو فجرت نفسها وقتلت أطفال يهود حينها لما وصفت كمقاتلة وفدائية فلسطينية لان الفلسطينيين لا يرحبوا بقتل الأطفال اليهود مهما كان الدافع ولا يفرحوا لمقتل أطفال اليهود . العكس يحدث اليوم فعندما وصل خبر الحادثة المفجعة لرحلة النور الفلسطينية إلى الجمهور الإسرائيلي في إسرائيل , فقد تبادل الإسرائيليين عبر مواقع التواصل الاجتماعي في إسرائيل تعليقات مخيفة على الحادث لدرجة عنصرية كشفت من خلالها مدي الحقد العنصري الصهيوني حتى على الأطفال الأبرياء , فقد عبر العديد منهم عن فرحتهم بمقتل وحرق الأطفال الفلسطينيين داخل الأتوبيس الذي صدمته الشاحنة الإسرائيلية على طريق جبع بالقرب من رام الله ,منهم من قال " أنهم مخربوا المستقبل " ومنهم من قال حرفيا "انه يشكر الله لان القتلى فلسطينيين و يأمل كل يوم بحادث من هذا النوع " ومنهم من قال " صلوا لله أن يكون عدد القتلى كبير وعدد الجرحى اقل , وقال أحلى خبر نبدأ به عطلة نهاية الأسبوع" وهناك العديد من العبارات العنصرية التي تم حصرها والتي تثير الاشمئزاز من تطرف هؤلاء المتطرفين و تعطينا تلميحات لما هو قادم . لعل هذا يعتبر عينة صغيرة من عينات التطرف الإسرائيلي والتي إن دلت على شيء فأنها تدل عن ما يجهزه اليهود للفلسطينيين وإن دل عن شيء فانه يكشف حجم التعبئة المتطرفة التي يتلقاها الجمهور الإسرائيلي ,وهذا يشير إلى الخطر القادم على مستوي الصراع بين الفلسطينيين و الإسرائيليين , و يشير إلى أن السلام بين الطرفين لن يحث طالما لان هناك حكومة إسرائيلية تعبئ الإسرائيليين ضد الفلسطينيين وقد تستخدمهم في حرب قادمة يذبح ويطرد فيها الفلسطينيين من ما تبقي لهم من ارض , كما وأن هذا يدل على حالة إنذار مبكر لنا كفلسطينيين شعبا و قيادة أولا والعالم الداعي إلى السلام والعدل بين الشعوب ثانيا , فقد بات على العالم أن يعرف أن حكومة إسرائيل تخطط إلى كارثة ونكبة جديدة على غرار العام 48 والكارثة هذه المرة اكبر وقد تكون كارثة الكوارث وفاجعة لكافة أبناء الديانتين الإسلامية و المسيحية لان اليهود يقصدون القدس والإجهاز على أي تواجد عربي إسلامي أو مسيحي فيها و خاصة المسجد الأقصى, بالإضافة إلى مساحات واسعة من الضفة الغربية والتي لن يبقي للفلسطينيين فيها سوي بعض التجمعات السكانية خارج ما يسمي دولة اليهود المزعومة . لعل هذا الإنذار يكون الدافع الأخير للقيادات الحزبية لتصحوا من انقسامها و تصطف خلف الرئيس أبو مازن وتؤمن بأن اليهود لنا بالمرصاد إن لم نتوحد ونتفق ونكون على قلب رجل واحد لتخرج هذه الأمة من انقسامها وتؤسس لوحدتها و وحدة نضالها بعيدا عن أي مصالح حزبية ضيقة تذهب بثوابتنا وقدسنا إلى البعيد و تلقي بها في أيدي اليهود بسهولة دون أن نقوى على المقاومة أن تركت لنا فرصة لنقاوم موحدين ,كما و تنذرنا لنخطط لمرحلة تحرر جديدة نتعامل فيها مع هذا التطرف الخطير , ونواجه معا كافة ما يحاك من دسائس وخطط تستهدف وحدتنا ومقدساتنا وقدسنا و شعبنا العربي الفلسطيني , رحم الله تعالى شهداء أتوبيس رحلة النور من أطفال ومعلمين. [email protected]