أرامكو تحرز تقدمًا إستراتيجيًا في توسعة الغاز من خلال ترسية عقود بقيمة 25 مليار دولار    «السجل العقاري»: بدء تسجيل 4774 عقاراً ب6 أحياء في المدينة المنورة    الصندوق العقاري يعلن الحل التمويلي "دعمك يساوي قسطك" لمنتج الوحدات السكنية تحت الإنشاء    حجازي وحمدالله على أبواب الرحيل عن الاتحاد    خادم الحرمين وولي العهد يهنئان رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية بذكرى استقلال بلاده    «العدل»: دون تدخل بشري.. المحكمة الافتراضية للتنفيذ تنجز 110 آلاف طلب    فلسطين تطلب عقد دورة غير عادية لمجلس الجامعة العربية    نائب أمير الشرقية يستقبل مساعد وكيل الحرس الوطني للجهاز العسكري بمناسبة تكليفه    تمديد مبادرة إلغاء الغرامات والإعفاء من العقوبات المالية للمكلفين حتى نهاية 2024م    «التخصصات الصحية»: 1 سبتمبر 2024.. بدء الإلزام باجتياز اختبار الرخصة المهنية لتخصص علم النفس    مركز الأمير سلطان بالأحساء ينقذ مريض من احتشاء في عضلة القلب    اطلاق أضخم برنامج صيفي لرعاية الطلبة الموهوبين    فعالية استعراض السيارات في صيف المذنب 24 تجذب الشباب    هذه هي الأغلال    رونالدو ورفاقه يتطلعون للثأر من سلوفينيا والمضي قدماً    «الإحصاء»: انخفاض بطالة السعوديين إلى 7.6% في الربع الأول من 2024    أجواء "صيفية" ساخنة على المنطقة الشرقية    رحلة عبر الزمن في عالم "تخيّل مونيه"    بدء التسجيل في 19 تخصصًا بالجامعة الإسلامية في المدينة    اقتران القمر بالمريخ فجر الاثنين    إجراء طبي ناجح ينهي معاناة طفلة من مثانة عصبية بمدينة الملك سلمان بالمدينة    المجلس الصحي يوصي ب 3 أنشطة بدنية للبالغين    انطلاق الدورة الصيفية المكثفة الحادية عشرة في جامع الصناعية والدور النسائية بمحافظة طريب    المنتخب السعودي يتأهل للدور نصف النهائي لبطولة الديار العربية    أيها الستيني.. هذا الصمام يهدد حياتك ! انتبه    النصر يكشف النقاب عن برنامجه الإعدادي للموسم الكروي الجديد    القيادة تعزي ملك المغرب في وفاة والدته    الرئيس المصري يلتقي رئيسة المفوضية الأوروبية    عودة صغير المها إلى "لينة التاريخية"    مهرجانات القصيم.. نشاط اقتصادي يجذب المتنزهين    ديموقراطيون يسعون إلى إقناع بايدن بوقف حملته الانتخابية    تجربة إثرائية في المدينة المنورة    بدء تطبيق نظام حماية المُبلِّغين والشهود والخبراء والضحايا    دعوة المواطنين السعوديين لمغادرة الأراضي اللبنانية فوراً    المملكة تستثمر الطبيعة    براءة بنزيما.. وشعبوية الناظر    صفقات الأندية للموسم الجديد    نجاح عملية ترميم سقف حلق لطفلة    في بطولة كوبا أمريكا.. فنزويلا تطمح لمواصلة انتصاراتها.. والمكسيك للتعويض أمام الإكوادور    "سيتي ووك".. الوجهة المثلى لعشاق الترفيه.. «قرية الرعب» وليالي القاهرة في موسم جدة    المملكة تدين توسيع الاستيطان في الضفة الغربية    شعوب نبيلة.. وحكومات مختطفة.. !    فن شعبي يتناقله المجتمع جيلاً بعد آخر.. «حداء الإبل».. لغة تواصل ضمن التراث الثقافي    2000 رحلة عبر السكوتر لتيسير تنقّل الحجاج    طريق السعادة ..    السعودية تعزز الاستخدام السلمي والمستدام للفضاء الخارجي    قف عند الشبهات    منظومة متكاملة بأعلى معايير الجودة.. جاهزية عالية لموسم العمرة    تعزيز الصداقة البرلمانية والتعاون مع طاجيكستان    مجتمع آمن وحيوي ووطن خالٍ من السموم.. معرض الداخلية يعزز التوعية بأضرار المخدرات    خادم الحرمين الشريفين يأمر بترقية وتعيين 154 قاضياً    متطلبات تراخيص صالونات الحلاقة تعزز «مكافحة العدوى»    القيادة تعزي حاكم الشارقة وتهنئ رئيس جيبوتي    خدمة ضيوف الرحمن شرف لنا    فريق مبادرون التطوعي ينفذ مبادرة "على خطى النبي صلى الله عليه وسلم نفوز بسنة المشي"    فقدان الجنسية السعودية من امرأة    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأميرة هدى بنت عبدالله الفيصل آل فرحان آل سعود    أمير عسير يُعلن إطلاق موسم الصيف 2024 بشعار "صيّف في عسير.. تراها تهول"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة والمحرقة الاجتماعية العمل هل ترضاة لاختك
نشر في الوكاد يوم 28 - 01 - 2012

هل ترضاه لأختك؟ هذا الضمير في الهاء لم نعرفه حتى الآن، وضاع في زحمة المتغيرات الاجتماعية، فقد كان في حديث الرسول الكريم يعود الضمير إلى مسألة واضحة هي (الزنا)، أما الآن فأصبح هذا السؤال مسحوبا على وجهه بضمائره المستترة والمعلنة على كل متغير اجتماعي، ليحيل بشكل لا شعوري في ضمير المتلقي على مسألة (الزنا)، فنسمع هذا السؤال: هل ترضاه لأختك؟ ويقصد به عمل المرأة في وزارة الصحة، عمل المرأة في وزارة التجارة، عمل المرأة في وزارة الإعلام، عمل المرأة في وزارة الخارجية، أو وزارة الشؤون البلدية والقروية، أو وزارة الداخلية، عمل المرأة في وزارة العدل، أو وزارة التعليم العالي، عمل المرأة في هيئة السياحة، أو في هيئة حقوق الإنسان، عمل المرأة في أرامكو، أو سابك، عمل المرأة في مراكز الدراسات ومكاتب المحاماة، عمل المرأة في البنوك.. يتضح من كل هذه الأمثلة المملة كثيرا وغيرها أن الأزمة تكمن في (عمل) المرأة، والمبرر الأخلاقي لهذه المعارضة يعود إلى صراع النوايا في سؤال: هل ترضاه لأختك؟! والجواب الطبيعي لمثل هذا السؤال، دون الانجراف الأعمى لمضمرات ما في الأنفس المريضة، هو في الإجابة بكل رأس مرفوع: نعم نرضى لأختنا أن تعمل في أي من القطاعات الحكومية والأهلية، بل ونتمنى أن تتمكن من تشكيل رأس مال مستقل يغنيها عن العمل عند الغير لتمارس الأعمال التجارية الحرة كسيدة أعمال راقية، كل هذا نرضاه أكثر من رضانا عن عملها مغسلة موتى في أحد المساجد مع كامل تقديرنا لشرف المهنة، فالرضا نسبي وعرفي ولا ضابط له سوى العادة الخانقة لمجتمع يرضى لابنه أن يكون حارس أمن بشركة خاصة ب1500 ريال ويأبى عليه أن يتدرب ليصبح (شيف/رئيس طهاة) في مطعم أحد الفنادق بعشرة أضعاف راتبه كحارس أمن. قبل ما يزيد على 70 عاما تحكي إحدى العجائز الألمعيات عن قوة عزيمتها في شبابها وأكياس الحب التي كانت تشدها على ظهر الجمال للطلوع بها من جبال رجال ألمع إلى سراة عسير، وبعد أن تساعد الرجال في تحميل الحبوب في أكياس من (جرينها/بيدرها) وتطمئن على حمولة الحب، تستأذنهم لأنها ستنطلق مع زاملتها في طرق جبلية مختصرة لتسبقهم إلى أبها، وستكون في انتظارهم هناك.. ولتسترسل في حكايتها عن تفاصيل زوجها الذي ذهب محاولا الإمساك بفرص الحياة الجديدة في وظائف الحكومة بعد ظهور النفط، وكيف أنهم تحولوا من حياة الإنتاج الزراعي والاكتفاء الذاتي، إلى المدينة وتجلياتها الريعية، في قفزات مربكة كان أولها انتقالهم لمدينة كبيرة وارتطامهم بضرورات (الغطوة/ تغطية الوجه)، فقد جاءهم أحد معارفهم الذي خبر الحياة الجديدة، ليقول لهم: (ترى الناس هنا غير ما تعرف في ديرتك تراهم يقولون: هذا رجَّال ما يعرف المدينة ونستغلها فرصة لنكحل عيوننا بزوجته التي تستقبلنا عند فتح الباب، مما لا يرضاه أحد على أخته)، وهنا أدركت هذه المرأة الألمعية، بعد أن سمعت كلام صديق العائلة، أن (أخلاق البترول) بآثارها الاجتماعية الفجائية قد أدخلتها (عصر الحريم) رغماً عنها، بيد أنها في قريتها هناك، كانت تستعين بجماعتها رجالا ونساء في صريم الزرع، وكانوا يغنون أناشيدهم معا احتفاء بموسم الحصاد.
كل ذلك الجيل من آبائنا تزوجوا نساء يعرفونهن قبل الزواج، معرفة ابن القرية لبنت قريته دون مفاهيم جديدة ساقتها التغيرات المفاجئة الخلاقة لصلف الاتهام المضمر في: هل ترضاه لأختك؟ لقد فقد السؤال براءته، ليصبح تهمة جاهزة تلبس ثوب السؤال، وهل من عاقل يريد أن يكون موقع التهمة بأي مفهوم كان وتحت أي ثقافة كانت؟! فلو سأل أحدهم هل ترضى أن تكون أختك بنقابها وعباءة رأسها وقفازاتها موضع اتهام في مطارات العالم؟ لقلنا: أبدا والله.. ولتواضعنا قليلا، وتراجعنا كثيرا عن عنتنا الديني لنكتشف أن تغطية الوجه ليست من ثوابت الدين.. ولنلاحظ مع الوقت هناك، أن كثيرا من ثوابت مجتمعنا المرتبطة ظناً بالدين قد تلاشت لندرك أن المسلمين في كل بقاع الأرض من الصين شرقا وحتى أميركا غربا، يعيشون إسلامهم وتدينهم دون الخوف على ثوابت موهومة لا يستقيم الدين إلا بها، وإلا اضطر مسلمو العالم إلى صنع حرب عالمية لحماية ثوابتهم (فما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب!)
هل ترضاه لأختك؟ سؤال لم يعد مقبولا اجتماعيا، بعد أن فقد براءته الأصلية، إذ يثير النفرة من صاحب السؤال، فهو يعطي دلالة تؤكد أن السائل قد خسر ثقته في نفسه أولا، وأهل بيته ثانيا، ثم حسن ظنه بالآخرين، وذلك من خلال ما ارتضاه لنفسه من حياة تعيش تحت مطرقة النوايا السوداء، وسندان الشك المرضي.
ما زلنا ندرك معنى (المحرقة الاجتماعية) التي يصنعها المرضى بسؤال (هل ترضاه لأختك؟!) وليس من عاقل يريد التعرض لهذه المحرقة ما دام الكبريت حتى هذه اللحظة متروكا بأيدي أصحاب هذا السؤال ليشعلوا في كل مهرجان عائلي أو ناد ثقافي حريقا، أو على أقل تقدير يخنقوا واقعنا وتلقائيتنا وفطرتنا وبراءتنا بآثار غازاتهم السامة الناتجة عن دخان حرائقهم التي يبدؤوها بسؤالهم الباهت: هل ترضاه لأختك؟!
غيرة الإنسانية على بعضها يقوم رهانها على القيم والمبادئ، ولهذا نجد الرجل الحقيقي يرسل ابنته لمواصلة الدراسة في الخارج مع أخيها فنرى البنت وقد حفظت هذا الأخ من الانزلاق في مهاوي الرذيلة، وليس العكس، أما غيرة الذكر والأنثى فرهانهما على حراسة الفروج، فنجد الضرب المبرح والظنون القاتلة بين الطرفين التي تقود الضحية لتصديق الظن السيئ بها فتفعله، ليزداد الضرب وشتات الأسرة تحت يافطة مزيفة من (الغيرة الحيوانية)، وإن لم يكن الضرب فستجد أمراض الصرع والإغماء غير المبررة طبيا، مع أكداس من ماء زمزم وزيت الزيتون لأن الحصار المتبادل بين الذكر والأنثى لبعضهما كان من خلال أشرطة ومطويات تقتل النبل والمروءة وروح الهمة العالية، ليشعر الذكر والأنثى أنهم في غابة من السباع يتربص كل سبع فيها بضبعة صاحبه.. فيا للقرف.
يقول أحد الأصدقاء لماذا ظنوننا داخل بلدنا أشد سوءا من ظنوننا خارجها؟ أقول: لعله الاحتقان الاجتماعي الذي أوجده (صانعو الحرائق) فاسألهم ولا تسألني، بل وقل لهم: لماذا معكم نشعر بقلة الأمن والأمان على نسائنا في بلدنا، وعندما نذهب إلى الدول الأخرى نشعر بعظيم الأمن والأمان لهن؟! والسؤال الحقيقي: هل ترضى لأختك أن تراها بعين ظنونك السيئة المليئة بالخيالات البرنوجرافية؟ فإن كانت الإجابة: لا.. فكذلك فافعل مع ظنونك في غيرها أيها (المسلم). وتذكر ما رواه أبو برزة الأسلمي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع عورته يفضحه ولو في جوف رحله. رواه الترمذي وقال الألباني حسن صحيح.
ولهذا فالمشغولون بدلالات فحولتهم، البعيدون عن مدارك قيم رجولتهم، لن يعنيهم أي حرف مكتوب في هذا المقال.. وأقول لهم: انصرفوا وانشغلوا بما يليق بكم من مظاهر التناطح والمخابطة وافتعال الحرائق والعبوا بالكبريت كما تشاؤون، فرياح عشتار الطيبة سوف تجتاحكم، وسيظهر كوكب الزهرة، ليؤثر على مادة الكبريت في أعواد ثقابكم رغماً عنكم، ولن تشتعل في قابل الأيام، فأنتم إلى انطفاء، وناركم إلى رماد، والزمن فيصل الصابرين.
نقلا عن الوطن العودية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.