أدخل في جدل لا طائلة منه حول من هو المثقف من حيث المفهوم وسأختصر بتحديد من أقصد، هم قادة الرأي والمؤلفون والأدباء والإعلاميون ومن في حكمهم. قصدت بموتهم نهاية دورهم، ليس للمتغيرات التقنية التي عجلت بنهايتهم فحسب وإنما بناء على الدور الذي مارسوه قبل مواقع التواصل الاجتماعي وبعده، أسئلة عدة تطرح لمناقشة دورهم الذي مارسوه في تسطيح الرأي العام واستنزاف أوقات المجتمع بمناقشة قضايا على حساب أخرى أكثر أهمية. أيعقل أن تناقش قضية قيادة المرأة للسيارة والعالم العربي يعيش مرحلة غليان وثورات؟ هل من الأولى مناقشة قضايا الإصلاح واستشراف المستقبل وتحسس مواطن الخلل والفتن واقتراح الحلول الأنجع، أم مناقشة قضية قيادة المرأة للسيارة؟. وهنا لست بصدد الحديث عن أهميتها، بل عن توقيت مناقشتها !. هل هذه النخب تعي واجباتها والتزاماتها تجاه مجتمعها، أم هي نخب ترتزق من الأحداث وتنمو في كنفها ؟. أليس الدور الذي مارسته صنع مجتمعا بعيدا عن الطرح الجاد ومناقشة قضايا المستقبل؟ وصرفها للترفيه على حساب قضايا الحاضر والمستقبل العالية الأهمية !. المثقف للمجتمع والمثقف يولدون اليوم في مواقع التواصل الاجتماعي وسيكون دورهم حيويا ومؤثرا خلال أعوام محدودة مقبلة. كل ذلك نتيجة لتيه النخب المثقفة التقليدية والفارق الشاسع بين ما تقول وما تفعل، بين توجهاتها وبين ما تريد من الغير تفعيله، لذا فممارساتها ستعجل بانتهائها وسيولد جيل جديد من الأفراد يقومون بدورهم الوطني بتلمس احتياجات الوطن والمواطن ابتداء بمكافحة الفساد بأنواعه، ومرورا بحماية المستهلك، وانتهاء بتبني مشاريع إصلاح اجتماعية وثقافية تحفظ حقوق الأجيال من أخطاء الحاضر التي لم تفكر النخب في تبيانها، وما الأعمال الدرامية والأدبية عموما إلا خير شاهد حول دور النخب !. هنا تقف النخب بين واقعها المحزن والمأمول منها، بين ما كانت وما يجب أن تكون، ولعل من لديهم حس وطني سيفيقون من سباتهم، وبطبيعة الحال لا ينطبق ما ذكرت على مجمل المثقفين ولا يعفي شريحة واسعة منهم. نقلا عن عكاظ